من هم قوم عاد؟ رحلة في تاريخ أمة ضلت الطريق
منذ القِدَم، امتلأت صفحات التاريخ بأحداث وشخصيات خلدت عبر العصور، ومن بين هذه القصص المؤثرة تأتي قصة النبي هود عليه السلام وقوم عاد، أول أمة عبدت الأصنام بعد الطوفان العظيم. كان قوم عاد من أقوى الأمم، يعيشون في أرض الأحقاف بين عمان وحضرموت، ويتمتعون بالثروات والقوة. أرسل الله تعالى إليهم نبيه هود عليه السلام ليدعوهم إلى توحيد الله وترك عبادة الأصنام، لكنهم قابلوا دعوته بالجحود والتكبر، ورفضوا الإيمان برسالته، متحدين أن يأتيهم بالعذاب إن كان صادقًا. فتوالت الأحداث المؤلمة التي سجلها التاريخ كعبرة لمن ينحرف عن طريق الحق.
نسب النبي هود عليه السلام يعود إلى هود بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح عليه السلام. وقد كان ينتمي إلى قبيلة عاد، وهم نسل عاد بن عوص بن سام بن نوح. كانت قبيلة عاد تسكن منطقة الأحقاف، وهي جبال من الرمل تقع بين عمان وحضرموت في اليمن، على ساحل البحر، في منطقة تعرف بالشحر، وكان واديهم يُسمى مغيث، وقد عاشوا في خيام ضخمة ذات أعمدة قوية.
اشتهر قوم عاد بكونهم أول من عبدوا الأصنام بعد طوفان نوح عليه السلام، حيث كانوا يقدسون ثلاثة أصنام هي: صدًا وصمودًا وهرا. أرسل الله تعالى النبي هود عليه السلام إليهم ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد، ونبذ عبادة الأصنام. لكن قوم عاد رفضوا دعوته واستكبروا، متهمين إياه بالجنون، وطلبوا منه أن يأتيهم بمعجزة لتثبت نبوته. وقالوا له إنهم لا يرون أي سبب يتركهم لعبادة أصنامهم لمجرد قوله، كما ورد في القرآن الكريم: *”إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ”*، صدق الله العظيم.
ولما تحدى قوم عاد نبيهم هود عليه السلام أن يأتيهم بالعذاب إن كان صادقًا، توعدهم هود بعذاب الله الذي سيحل بهم، كما جاء في قوله تعالى: *”قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ”*، صدق الله العظيم.
ذكر المفسرون أن الله تعالى حبس المطر عن قوم عاد لثلاث سنوات بسبب شركهم، حتى ضاقوا بذلك، وأرسلوا سبعين رجلاً إلى مكة ليستسقوا لهم المطر. وقد دعا لهم رجل يُدعى ابن عنز، فخلق الله لهم ثلاث سحب: بيضاء وحمراء وسوداء، وسمعوا منادياً يقول لهم: اختاروا سحابة. فاختار ابن عنز السحابة السوداء ظنًا بأنها الأكثر ماءً، فأجابه المنادي بأنهم اختاروا سحابة تحمل عذاباً مدمراً سيهلك كل قوم عاد، باستثناء فئة من عاد كانوا يقيمون في مكة فلم يمسهم العذاب.