منوعات

كمال الملاخ مكتشف مركب الملك خوفو وصاحب البصمة الخالدة في علم الآثار المصري

 

كتبت شيماء طه

يُعد كمال الملاخ واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ علم الآثار المصري الحديث، فهو الرجل الذي أهدى للعالم أحد أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، وهو مركب الملك خوفو أو ما يُعرف باسم مركب الشمس. لم يكن الملاخ مجرد عالم آثار، بل كان أيضًا فنانًا، ومهندسًا، وصحفيًا، ومؤرخًا ترك بصمة لا تُنسى في مسيرة الثقافة المصرية.

 

البدايات والتعليم

وُلد كمال الملاخ في محافظة أسيوط عام 1918، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة عام 1943، ثم حصل على دبلوم في العمارة، قبل أن يتجه إلى العمل في مصلحة الآثار المصرية، حيث بدأ رحلته الطويلة مع التاريخ والتراث. امتلك الملاخ رؤية فنية مميزة جعلته يجمع بين دقة المهندس وحس الفنان، وهو ما انعكس على أعماله في مجال الترميم والاكتشاف الأثري.

اكتشاف مركب الملك خوفو

في عام 1954، كان الملاخ يشرف على مشروع لتطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات، حين لاحظ وجود حفر مغلقة ضخمة بجوار الهرم الأكبر. وبعد التنقيب الدقيق، تم الكشف عن واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ — مركب الملك خوفو، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 4500 عام.

كان المركب مكوّنًا من أكثر من 1200 قطعة خشبية من شجر الأرز اللبناني، محفوظة في حالة مدهشة داخل حفرة مغلقة بإحكام. وقد اكتشف الملاخ أن هذه القطع كانت مفككة عمدًا لتُدفن بجوار الهرم، لتُستخدم في رحلة الملك خوفو المقدسة مع إله الشمس رع في العالم الآخر.

يُعد هذا الاكتشاف من أهم إنجازات علم الآثار في القرن العشرين، إذ كشف عن تطور مذهل في صناعة السفن لدى المصريين القدماء، وألقى الضوء على المعتقدات الدينية المتعلقة بالحياة بعد الموت. وقد نال كمال الملاخ بفضل هذا الاكتشاف تقديرًا عالميًا، وأُطلق عليه لقب “مكتشف مركب الشمس”.

مسيرته الثقافية والإعلامية

لم يقتصر دور كمال الملاخ على العمل الأثري فقط؛ فقد كان أيضًا صحفيًا وكاتبًا مبدعًا في جريدة الأهرام، حيث تولّى الإشراف على الصفحة الفنية والثقافية، وساهم في تأسيس المهرجان القومي للمسرح المصري والمعرض الدولي للكتاب في القاهرة. كما أسس نادي “اليخوت المصري” وكان من الداعين إلى الاهتمام بالتراث المعماري والفني المصري.

تميز الملاخ بأسلوبه الإنساني الهادئ وإيمانه العميق بأن الحضارة المصرية ليست مجرد آثار جامدة، بل روح باقية تنبض في وجدان كل مصري. لذلك، ظل طوال حياته يدافع عن التراث ويحذر من الإهمال والتخريب الذي يهدد الآثار المصرية.

وفاته وإرثه

توفي كمال الملاخ عام 1987، لكنه ترك خلفه إرثًا علميًا وثقافيًا خالدًا. لا يزال اسمه يُذكر كلما ذُكر مركب خوفو، تلك الأعجوبة التي غيّرت نظرة العالم إلى براعة المصريين القدماء.
واليوم، يُعد الملاخ مثالًا حيًا على العالم الوطني الذي جمع بين العلم والفن والإبداع لخدمة تاريخ بلاده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى