أم ورقة: شهيدة البيت الطاهرة التي أضاءت صفحات التاريخ بتقواها وحسن عبادتها
أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر الأنصارية، المعروفة بأم ورقة بنت نوفل، هي مثال خالد للمرأة المؤمنة الزاهدة، والتي شهد لها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بكونها “الشهيدة”. كانت أم ورقة محبة للجهاد، ولما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غزوة بدر، طلبت منه أن ترافقه لتمريض الجرحى، فأمرها بالبقاء في بيتها مبشرًا إياها بأنها ستنال الشهادة. وقد أظهرت طاعة عميقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبقيت تكرس حياتها للعبادة وتلاوة القرآن في بيتها.
عُرفت أم ورقة بإقبالها على العبادة وحفظها للقرآن، وسمح لها النبي باتخاذ مؤذن خاص في بيتها، حيث كانت تؤمّ النساء المهاجرات وتصلي بهن، حتى بات بيتها منارة للتقوى، وحرص الصحابة على زيارته. وورد عن النبي أنه كان يدعو الصحابة إلى زيارتها قائلاً “انطلقوا بنا نزور الشهيدة”، حتى صار لقب “الشهيدة” مرتبطًا باسمها الكريم.
وخلال خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كانت أم ورقة تمتلك جارية وغلامًا لخدمتها، ورغم إحسانها إليهما، ارتكبا جريمة بشعة حين قاما بقتلها ليلاً قبل أن يلوذا بالفرار. وفي الصباح، شعر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغياب صوت قراءتها للقرآن، مما أثار قلقه، فدخل بيتها ليجدها وقد قتلت غدرًا. فأمر بالبحث عن العبدين، وعند العثور عليهما أُقيم عليهما حد القصاص ليكونا أول مصلوبين في المدينة.
من خلال سيرتها العطرة، تظل أم ورقة قدوةً ومثالاً على الإيمان العميق وحب الجهاد، وتظل ذكراها محفوظة كرمز للعبادة والزهد، لتبقى قصة شهيدة البيت أم ورقة مشعة بألق الصدق والوفاء للأجيال المتعاقبة.