كتبت: شيماء طه
توت عنخ آمون، أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديمة.. يُلقب بالملك الذهبي نظرًا لإكتشاف مقبرته الغنية بالكنوز الذهبية التي كانت محفوظة بشكل مدهش.
رغم أن حكمه كان قصيرًا، إلا أن إكتشاف مقبرته في وادي الملوك عام. 1922 جعل إسمه يلمع كأحد أعظم الألغاز في تاريخ مصر الفرعونية.
النشأة والحكم
توت عنخ آمون وُلد حوالي عام 1341 ق.م. خلال فترة -الأسرة الثامنة عشرة- واحدة من أقوى الأسر في تاريخ مصر القديمة. واعتلى العرش وهو في سن التاسعة تقريبًا بعد وفاة والده المحتمل، الملك إخناتون.
خلال فترة حكمه القصيرة التي امتدت من حوالي 1332 إلى 1323 ق.م، كان توت عنخ آمون ملكًا شابًا، ولذلك تم توجيهه بشكل كبير من قبل مستشاريه.
أتى حكم توت عنخ آمون بعد فترة من التوترات السياسية والدينية التي تسببت بها الثورة الدينية التي قادها والده.
كان إخناتون قد حاول إدخال ديانة جديدة تعتمد على عبادة إله الشمس “آتون” وتخلى عن عبادة الآلهة التقليدية. ولكن بعد وفاة إخناتون، أعاد توت عنخ آمون عبادة الآلهة التقليدية، وخاصة الإله “آمون”. مما ساعد على إستعادة الاستقرار في مصر.
الحياة في البلاط الملكي
تزوج توت عنخ آمون من عنخ إس إن آمون، وهي شقيقته أو نصف شقيقته ، رغم زواجهما، لم يتمكنا من إنجاب وريث للعرش، حيث أظهرت الدراسات وجود جثتين لجنينين مدفونتين في مقبرة توت عنخ آمون، مما يشير إلى أن محاولات الإنجاب لم تنجح.
عاش توت عنخ آمون في بلاط ملكي مزدهر حيث كانت الفن والموسيقى والعمارة تزدهر.
إستمرت التقاليد الملكية في بناء المعابد الكبرى والنصب التذكارية، رغم أن فترة حكمه القصيرة لم تشهد إنجازات عسكرية كبيرة، على عكس ملوك آخرين من الأسرة الثامنة عشرة.
الوفاة والأسباب المحتملة
توفي توت عنخ آمون في ظروف غامضة وهو في سن التاسعة عشرة تقريبًا، مما جعل موته أحد أكثر الألغاز المثيرة للجدل في التاريخ.
تراوحت النظريات حول أسباب وفاته بين حادث أثناء ركوب العربة، أو مرض مثل الملاريا أو ضعف صحي بسبب زواج الأقارب.
أظهرت الفحوصات الحديثة، بما في ذلك تحليل الحمض النووي، أن الملك الشاب كان يعاني من عدة مشاكل صحية مثل تقوس في العمود الفقري، وضعف في القدم، مما كان قد أدى إلى إصابته المتكررة أو حتى وفاته.
اكتشاف المقبرة وكنوزها
في عام 1922، اكتشف عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك، وهو اكتشاف أثار ضجة عالمية.
المقبرة كانت بحالة جيدة للغاية، واحتوت على ما يقرب من 5,000 قطعة أثرية، بما في ذلك القناع الذهبي الشهير الذي أصبح رمزًا للملك توت عنخ آمون.
كان الاكتشاف مهمًا لأن معظم المقابر الملكية في وادي الملوك قد نُهبت في العصور القديمة، لكن مقبرة توت عنخ آمون بقيت سليمة إلى حد كبير.
الكنوز التي عُثر عليها في المقبرة شملت أسرّة ملكية، وعربات حربية، ومجوهرات، وأثاث مرصع بالذهب، وأدوات جنائزية، مما يعكس ثراء وقوة الملك حتى بعد وفاته.
القناع الذهبي والأسطورة
يُعد القناع الذهبي لتوت عنخ آمون من أشهر القطع الأثرية في العالم.
هذا القناع الذي صُنع بدقة من الذهب الخالص يزن حوالي 11 كيلوجرامًا ويُعتبر تحفة فنية وجنائزية. كان القناع يوضع على وجه الملك في تابوته، ويعتقد أن الهدف هو حماية جسد الملك في رحلته إلى العالم الآخر.
الأسطورة واللعنة
بعد اكتشاف المقبرة، بدأت تنتشر شائعات حول “لعنة الفراعنة”. حيث أُبلغ عن وفاة العديد من الأشخاص المرتبطين بالإكتشاف بعد فترة وجيزة من فتح المقبرة.
كان لهذا تأثير كبير على الرأي العام في ذلك الوقت. رغم أن العلماء الحديثين ينفون وجود أي لعنة، ويربطون تلك الوفيات بأسباب طبيعية.
الأهمية التاريخية
رغم أن توت عنخ آمون لم يكن من أعظم الفراعنة في تاريخ مصر من حيث الإنجازات، إلا أن اكتشاف مقبرته جعل منه رمزًا للثراء والفن في مصر القديمة.
كما وفرت مقبرته كنزًا هائلًا من المعلومات حول الحياة الملكية والدينية في ذلك الوقت.
يظل توت عنخ آمون أحد أهم الشخصيات في تاريخ مصر القديمة، ليس بسبب فترة حكمه القصيرة. بل بفضل كنوزه المكتشفة التي أبهرت العالم وأعطتنا نافذة فريدة على الحضارة المصرية القديمة.