دور الشرطة العسكرية في حرب أكتوبر 1973 وتأمين العبور
كتبت شيماء طه
في سياق الإستعداد لحرب أكتوبر 1973، كان للشرطة العسكرية المصرية دور محوري في تأمين القوات المسلحة أثناء التحضيرات الدقيقة والمعقدة لعبور قناة السويس، الذي شكّل نقطة الإنطلاق لتحقيق نصر عسكري إستراتيجي.
اللواء أ.ح سيد هيكل يروي في مذكراته العديد من تفاصيل هذه المرحلة الحساسة، مسلطًا الضوء على البطولات والتضحيات التي قدمتها الشرطة العسكرية، والمهام الحيوية التي قامت بها لضمان نجاح عملية العبور التي طال انتظارها.
في الأسابيع والأشهر التي سبقت الحرب، كانت القوات المصرية تستعد سرًا لتنفيذ خطة محكمة لعبور قناة السويس وكسر خط بارليف الحصين.
وسط هذه التحضيرات، لعبت وحدات الشرطة العسكرية دورًا مهمًا في تأمين تشكيلات الجيش المصري، خاصة في ما يتعلق بتأمين الممرات التي ستعبر منها القوارب المطاطية والعربات البرمائية التي ستنقل الجنود والمعدات عبر القناة.
الشرطة العسكرية لم تقتصر مهامها على توفير الأمن، بل كانت أيضًا معنية بتنظيم حركة القوات، وضمان عدم حدوث فوضى أو تعطل أثناء تنقل التشكيلات العسكرية.
كما كانت مسؤولة عن تأمين الطرق والممرات اللازمة لبناء الكباري العائمة، وهي عملية حاسمة لضمان استمرار تدفق القوات والمعدات الثقيلة بعد عبور القناة.
دهاء الشرطة العسكرية وتغيير شارات الزى
أحد أبرز التحديات التي واجهتها القوات المصرية كان محاولات العدو الإسرائيلي تنفيذ عمليات تخريبية باستخدام زي الشرطة العسكرية المصرية.
كان الإسرائيليون يحاولون التسلل إلى صفوف القوات المصرية مرتدين زي الشرطة، بهدف إرباك الجنود وتنفيذ هجمات مباغتة.
لتفادي هذا التهديد، لجأت الشرطة العسكرية المصرية إلى حيلة ذكية تمثلت في تغيير لون شاراتها يوميًا.
هذا التغيير المستمر أربك العدو، وساعد الشرطة العسكرية على كشف العناصر الإسرائيلية المتسللة بسهولة.
نتيجة لهذه الحيلة، تمكنت القوات المصرية من أسر العديد من العناصر الإسرائيلية التي حاولت التسلل، ما أضعف خطط العدو قبل بدء المعركة.
ساعة الصفر ووقت العبور
مع حلول الساعة الثانية ظهرًا يوم السادس من أكتوبر 1973، انطلقت قوات الجيش المصري في تنفيذ خطتها لعبور قناة السويس.
كانت الشرطة العسكرية في الخطوط الأمامية، تعمل على تأمين الممرات التي ستعبر منها القوارب المطاطية والعربات البرمائية، وتسهيل عبور الجنود والمعدات الثقيلة إلى الضفة الشرقية للقناة.
مع تقدم المعركة، اضطلعت وحدات الشرطة العسكرية بمهام حيوية أخرى، مثل تأمين الكباري العائمة التي بنيت لتمكين الدبابات والعربات العسكرية من العبور.
في المساء، واصلت وحدات الشرطة العسكرية عملها في تجهيز الطرق والمدقات التي ستمكن القوات من العبور بسرعة وكفاءة، وضمان استمرار تدفق الإمدادات والذخائر إلى الخطوط الأمامية.
بطولات الشرطة العسكرية الشهيد الرائد محمد زرد
وسط هذه العمليات الدقيقة والمعقدة، برزت العديد من البطولات التي تعكس تضحيات رجال الشرطة العسكرية.
إحدى هذه البطولات كانت بطولة الرائد الشهيد محمد محمد زرد، الذي قدم حياته فداءً لزملائه.
في أحد المواقف البطولية، رصد الرائد محمد زرد مجموعة من جنود العدو الإسرائيلي وهم يستعدون لإطلاق النار على القوات المصرية التي كانت تعبر القناة ، بدلاً من التراجع أو الإحتماء، إندفع الرائد زرد نحو فتحة إطلاق النار ليغلقها بجسده، مانعًا بذلك جنود العدو من إطلاق النار على زملائه.
استشهد الرائد زرد في تلك اللحظة، لكنه قدم روحه لحماية رفاقه وضمان إستكمال العبور بنجاح.
بطولته أصبحت مثالاً حيًا على الشجاعة والتضحية التي ميزت قوات الشرطة العسكرية خلال المعركة.
لعبت الشرطة العسكرية دورًا حاسمًا في حرب أكتوبر 1973، سواء من خلال تأمين القوات والممرات أو من خلال التصدي لمحاولات العدو التخريبية.
تضحيات رجالها، مثل الشهيد الرائد محمد زرد، تجسد روح الفداء والشجاعة التي ساهمت في تحقيق هذا النصر العظيم. إن إسهام الشرطة العسكرية كان جزءًا لا يتجزأ من نجاح عملية العبور وتحقيق الانتصار في هذه المعركة المصيرية التي استعادت للأمة العربية كرامتها.