بطولات لا تنسى في حرب أكتوبر الفرقة 16 مشاة والجيش الثاني الميداني
كتبت شيماء طه
شهدت حرب أكتوبر 1973 العديد من البطولات التي ساهمت في تحقيق النصر، وكان للفرقة 16 مشاة، بقيادة اللواء عبد رب النبي حافظ ورئيس أركان الفرقة العميد أنور حب الرمان، دور بارز وحاسم في هذه الحرب.
تمتعت الفرقة بموقع استراتيجي في الجيش الثاني الميداني وكانت مسؤولة عن تنفيذ عمليات هامة على الجبهة الشرقية، بما في ذلك تأمين عبور القوات المصرية لقناة السويس والتصدي لهجمات العدو الإسرائيلي المتكررة.
عبور القناة ورفع العلم المصري
في مساء يوم 6 أكتوبر 1973، عند الساعة الخامسة تحديدًا، كانت الفرقة 16 مشاة قد أكملت عبورها للقناة بنجاح ورفعت الأعلام المصرية على الضفة الشرقية، وهو إنجاز كبير في ظل التحصينات الإسرائيلية القوية على خط بارليف.
ورافق عبور الفرقة كتيبة برمائية وقائد الفرقة بنفسه، وتمكنوا خلال 45 دقيقة فقط من الاستيلاء على المصاطب الترابية التي كانت القوات الإسرائيلية قد أقامتها للدفاع عن الضفة الشرقية.
المواجهة الأولى مع إسرائيل
بعد إتمام العبور، لم يمر وقت طويل حتى بدأت القوات الإسرائيلية المدرعة بشن هجوم مضاد على مواقع الفرقة 16 مشاة.
استخدمت إسرائيل احتياطياتها القريبة من الدبابات في محاولة لتدمير القوة المصرية المتقدمة، ولكن رجال الفرقة كانوا على استعداد كامل، حيث تصدوا للهجوم الأول وأفشلوه تمامًا.
وفي الساعة التاسعة و20 دقيقة مساءً، وصلت أول دبابة مصرية إلى الشاطئ الشرقي في قطاع الفرقة 16، مما عزز من موقفهم وأعطاهم قوة إضافية للتصدي لهجمات العدو.
هجمات متكررة وفشل إسرائيلي
لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية عند ذلك الحد، ففي نفس الليلة، شن العدو هجومًا ثانيًا بقوة 50 دبابة أخرى على الجانب الأيمن من الفرقة المصرية، لكن هذه الهجمة باءت بالفشل كسابقتها. واصل الجيش الإسرائيلي محاولاته حتى يوم 8 أكتوبر، حيث شن هجومًا جديدًا في الساعة الثامنة مساءً على الجانب الأيسر للفرقة باستخدام 50 دبابة أخرى.
لكن الفرقة المصرية بقيادة اللواء عبد رب النبي حافظ وقفت بشراسة أمام هذه الهجمات المتتالية، ونجحت مرة أخرى في إفشال الهجوم الإسرائيلي.
السيطرة على التبة الطالية
بعد إفشال الهجمات الأولى، واصلت الفرقة 16 تقدمها شرقًا في محاولة للوصول إلى منطقة “التبة الطالية”، وهي تبة استراتيجية عالية ترتفع 34 مترًا وتسيطر على جزء كبير من أرض القتال. تمكنت الفرقة بالفعل من السيطرة على التبة، مما أعطاها ميزة استراتيجية كبيرة في المعركة.
في محاولة يائسة لاستعادة السيطرة، شنت القوات الإسرائيلية هجومًا ثالثًا في يوم 9 أكتوبر باستخدام 150 دبابة.
وهنا دارت واحدة من أشد المعارك ضراوة، حيث استطاعت القوات المصرية أن تدمر 34 دبابة إسرائيلية في معركة سميت بـ”صدام الدروع”.
استمرت المعركة لأكثر من سبع ساعات وانتهت بانسحاب القوات الإسرائيلية بعد تكبدها خسائر فادحة.
بسالة المقاومة المصرية والتصدي للهجوم الأخير
في صباح يوم 10 أكتوبر، حاولت القوات الإسرائيلية مجددًا شن هجوم جديد على الفرقة 16 مشاة باستخدام المدفعية والطائرات كتمهيد نيراني، قبل أن تتبعها 70 دبابة معادية. ولكن الفرقة المصرية كانت مستعدة، وتمكنت من إيقاف الهجوم بعد ساعات قليلة من بدايته.
استمرت المحاولات الإسرائيلية اليائسة طوال اليوم، لكنها فشلت جميعها بفضل المقاومة الشرسة التي أبدتها الفرقة 16.
آخر المحاولات الإسرائيلية كانت عند منطقة “الدفرسوار”، حيث شن العدو هجومًا ضخمًا باستخدام 100 دبابة على الجانب الأيمن للفرقة المصرية في محاولة لوقف تقدمها. ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل الذريع كما سابقاتها، واضطرت القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب في النهاية، تاركة وراءها معداتها المدمرة وخسائرها الكبيرة.
قدمت الفرقة 16 مشاة مثالاً رائعًا على الشجاعة والصمود في وجه العدو الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر 1973.
تحت قيادة اللواء عبد رب النبي حافظ، تمكنت الفرقة من التصدي لهجمات متتالية من القوات الإسرائيلية المدرعة، وأفشلت كل المحاولات الإسرائيلية لتعطيل تقدمها.
هذه البطولات التي خاضتها الفرقة 16 ليست مجرد صفحة في تاريخ الحرب، بل هي جزء لا يتجزأ من النصر المصري الذي تحقق في هذه الحرب الخالدة.