قبيلة الفيفي.. إرث قحطاني شامخ في قمم فيفاء الشاهقة
قبيلة الفيفي.. إرث قحطاني شامخ في قمم فيفاء الشاهقة
تعد قبيلة الفيفي واحدة من أعرق القبائل العربية المنتمية إلى خولان الشام، وتستوطن جنوب المملكة العربية السعودية. هذه القبيلة تمتاز بتاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، بدءًا من نسبها القحطاني وحتى مشاركتها في الفتوحات الإسلامية.
تنقسم قبيلة الفيفي إلى عدة أفخاذ وأقسام، مثل قبائل آل عبيد وآل عطا، وكل قسم يتفرع إلى مجموعات أصغر، مما يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للمنطقة. ومن اللافت أن هذه القبيلة تسكن الجبال الشاهقة مثل جبال فيفاء، التي تتميز بجمالها الطبيعي وتضاريسها الوعرة، ما ساعد على الحفاظ على عزلتها النسبية.
يُذكر في التراث الشعري أن موقع القبيلة على قمم الجبال أعطاها ميزة دفاعية كبيرة، حيث قيل في الشعر القديم: “والله لو كنتم بأعلى تلعة من روس فيفاء أو رؤوس صماد لسمعتم من ثم وقع سيوفنا ضربًا بكل مهند جماد”.
كما أن اللهجة التي يتحدث بها أفراد القبيلة تعد من اللهجات التاريخية النادرة، وتعود في أصلها إلى اللغة الحميرية القحطانية القديمة، حيث أظهرت الدراسات أن العديد من مفرداتها تنحدر مباشرة من اللغة العربية الفصحى.
العديد من المؤرخين، مثل الهمداني والكبسي، تناولوا فيفاء في مؤلفاتهم، مؤكدين على أهميتها التاريخية واتساع رقعتها في العصور القديمة. وقد أشاروا إلى أن بلاد فيفاء كانت تمتد لتشمل مناطق واسعة من خولان الشام، وأنها كانت جزءًا من أراضٍ شاسعة متصلة ببلاد قحطان وحتى وادي ضمد.
في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أسلمت قبائل خولان جميعها، وكانت قبائل فيفاء ضمن الوفد الذي جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليعلن إسلامه في السنة العاشرة للهجرة. وقد شارك أبناء هذه القبائل في الفتوحات الإسلامية، ومن أبرز الشخصيات التي اشتهرت في ذلك الوقت السمح بن مالك الخولاني.
في الوقت الحاضر، تتفرع قبيلة فيفاء إلى 18 قبيلة رئيسية، لكل قبيلة شيخ مستقل، وتجمعهم جميعًا قيادة موحدة تحت شيخ الشمل. هذا النظام التقليدي يعزز الوحدة والتضامن بين أبناء القبيلة ويحافظ على تراثهم وهويتهم الثقافية.
إن هذا التاريخ العريق والتنوع الكبير في التقاليد واللهجة والأراضي يجعل من قبيلة الفَيّفي واحدة من أهم القبائل التي ساهمت في بناء هوية المنطقة والمحافظة على إرثها الثقافي.