تاريخ ومزارات

حرب البسوس: صراع الدم والنار الذي أشعلته ناقة

حرب البسوس كانت واحدة من أطول الحروب في تاريخ العرب، وبدأت بسبب امرأة تدعى البسوس، حيث أثار قتل كليب بن ربيعة التغلبي لناقتها غضب جساس بن مرة البكري، الذي قام بقتله انتقامًا. هذا الحدث أشعل فتيل الحرب بين قبيلتي بكر وتغلب، واندفع المهلهل (الزير سالم)، شقيق كليب، لطلب ثأر أخيه. استمرت الحرب أربعين عامًا، تاركةً آثارًا عميقة في تاريخ القبيلتين.

وقعت هذه الحرب بين أبناء وائل: بكر وتغلب، وامتدت على مدى أربعين سنة. تخللتها معارك دامية مثل يوم النهى، يوم الذنائب، يوم واردات، يوم عنيزة، يوم القصيبات، ويوم تحلاق اللمم، الذي سمي بذلك لأن بني بكر حلقوا رؤوسهم فيه جميعًا. انتصرت قبيلة تغلب في أربع معارك، فيما حققت بكر انتصارًا وحيدًا، وتكافأ الطرفان في معركة واحدة.

قصة الحرب: البداية من كليب بن ربيعة

كليب بن ربيعة، الذي كان قائدًا عسكريًا وقويًا بين قبيلتي بكر وتغلب، ولد عام 440م. بعد انتصاره على جموع اليمن في معركة خزازى، تجمع العرب تحت قيادته وأصبح يُلقب بالملك. لكن كبرياءه وبغيه جعلاه يحكم بيد من حديد على قبيلته، مانعًا أي شخص من تجاوز سلطته، حتى أنه أصبح يحمي مناطق السحاب ويمنع الرعي فيها، ولا يجرؤ أحد على إشعال نار بجواره أو الاقتراب من مياهه دون إذنه. ساد القول بين الناس: “أعز من كليب وائل”.

تزوج كليب جليلة بنت مرة بن ذهل، شقيقة جساس. وبينما كان كليب يزداد طغيانًا، بدأت تبرز خلافات بينه وبين زوجته حول مدى قوته وسلطته، حيث ذكرت له أن أخويها جساس وهمام يتفوقان عليه في العزة. هذا الأمر أغضب كليب وزاد من توتر العلاقة بين الطرفين.

قتل الفصيل وبداية الصراع

كانت للبسوس، خالة جساس، ناقة تُعرف بخوارها، وذات يوم رآها كليب فأطلق سهمه على فصيلها الصغير وقتله. عندما علم جساس بما حدث، قرر الانتقام لكرامة خالته، فقتل كليب، مما أدى إلى اندلاع الحرب بين القبيلتين.

تصاعد الحرب بين بكر وتغلب

بعد مقتل كليب، انقسمت قبيلتا بكر وتغلب إلى معسكرين متحاربين. تغلب قادتها الزير سالم الذي طالب بثأر أخيه كليب، وبكر تحت قيادة جساس. استمرت الحرب لسنوات طويلة، حيث تبادلت القبيلتان الانتصارات والهزائم في معارك دموية استنزفت الرجال والموارد.

أثر حرب البسوس على التاريخ العربي

حرب البسوس لم تكن مجرد حرب عادية، بل كانت رمزًا للصراع القبلي الذي استمر عقودًا، وتعلم العرب من خلالها دروسًا قاسية حول الطغيان، الثأر، والحروب التي لا تنتهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى