المزيد

“حكايات الترحال”.. أسرار حياة البدو في جنوب سيناء

أميرة جادو

الترحال يعد جزءاً أصيلاً من حياة البدو منذ القدم، حيث يرتحل البدوي بحثاً عن الكلأ وتجديد المكان، وهو ما زال يشكل ظاهرة اجتماعية بارزة لدى بدو جنوب سيناء. هذا النمط من الحياة جعلهم خبراء بالصحراء وما تحتويه من تضاريس، عيون وآبار، وأصبحوا على دراية بجميع الدروب والمسالك. تستغرق الرحلة عادة يومًا أو أيامًا، والبدوي يشعر بالطمأنينة حيال حرمة منزله أثناء غيابه، إذ يحترم الجميع العرف البدوي.

أسباب الترحال عند البدو

في هذا الصدد، كشف الشيخ خليل إبراهيم الحويطي، أحد مشايخ قبيلة الحويطات بجنوب سيناء، إن الترحال يعتبر صفة ملازمة للبدوي، وهو يرتحل لأسباب متعددة، إما للقنص والصيد، أو للبحث عن العشب لرعي الماشية، أو لتغيير إقامته، أو حتى للسفر إلى المدن لتسوق المنتجات.

واستطرد “الشيخ خليل”، أن كل رحلة لها اسمها الخاص وفقاً لهدفها. فعلى سبيل المثال، يطلق على الرحلة إلى المدن لتسويق السلع “خاطر”، لأنها غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر نظراً لمرورهم بمناطق جبلية وعرة. أما الرحلات التي تهدف إلى البحث عن المراعي بعد هطول الأمطار فتسمى “النجعة”، ويقال عن من يقوم بها “ربعوا”، بينما إذا كانت الرحلة للصيد، وخاصة صيد الضباع والثعالب، فيطلق عليها “أبو الحصين”.

رحلة “الطلب”: مهمة الشباب الشجاعة

من بين أهم الرحلات التي يقوم بها البدوي هي رحلة “الطلب”، والتي تتطلب شجاعة وتحضيراً جيداً.
أوضح “الشيخ خليل”، أن هذه الرحلة تنفذ عادة من قبل شباب القبيلة الذين يختارون أقوى وأسرع الإبل، حيث يكون الهدف منها عادة ملاحقة غرباء قاموا بسرقة الإبل أو الأغنام، أو البحث عن الإبل الضالة.
الرحلة اليومية للفتيات والشباب

الرحلة اليومية التي يقوم بها البدو تعرف باسم “الرعاة”. تبدأ الرحلة عادةً قبل شروق الشمس وتنتهي مع غروبها، حيث تأخذ الفتيات الأغنام إلى المراعي برفقة ما يحتاجونه من ماء وطعام، بينما يقود الفتيان الإبل إلى المرعى. يذكر أن المرعى قد يكون بعيداً عن التجمع البدوي، ولكن الفتاة البدوية تشعر بالأمان حتى لو كانت بمفردها، بفضل العرف البدوي الذي يضمن حمايتها. وإذا تعرضت لأي تعدٍّ، سواء كان لفظياً أو جسدياً، تعتبر شكواها صادقة، ويجري معاقبة المعتدي وفقًا للأعراف البدوية.

دور المرأة البدوية أثناء الترحال

والجدير بالإشارة أن المرأة البدوية تلعب دوراً محورياً أثناء رحلات الرجل. فهي تتحمل عبء تربية الأبناء، الحفاظ على البيت، جلب الماء والحطب، وتربية الأغنام. كما تقوم بتصنيع منتجات الألبان، نسج المفروشات وتطريز الملابس. وفي غياب الرجل، تستمر في تقديم واجب الضيافة، مما يعكس اعتماد الأسرة على المرأة في كثير من الجوانب الحيوية.

حماية المرأة البدوية في غياب الرجل

لفت “الشيخ خليل”، إلى أن أمان المرأة البدوية أثناء غياب زوجها، موضحًا أن الرجل يرتحل وهو مطمئن على أسرته بين أقاربه وجيرانه. وإذا حاول أحد الاقتراب من منزلها في الظلام، تقوم المرأة بإشعال النار وتنادي على جيرانها، وهي عادة بدوية معروفة باسم “توج نارها وتهيب جارها”. وسرعان ما يتوافد الجيران لمساعدتها، ويتم التعرف على المعتدي عن طريق “قص الأثر”، وعندها يكون المعتدي مجبراً على دفع الجزاء وفقاً لأحكام العرف البدوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى