المزيد

في ذكرى وفاته.. ماذا قال رفاعة الطهطاوي عن مصر؟

أميرة جادو 

يصادف اليوم ذكرى وفاة أحد قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا، وهو “رفاعة رافع الطهطاوي”، إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 27 مايو 1873، وكان قد نشأ عن عائلة محلوظة في القضاة ورجال الدين فلقى عنياة كبيرة من أبيه وحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا.

نشأة رفاعة الطهطاوي

ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئًا من الفقه والنحو، التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817 وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك.

خدم “الطهطاوي” بعدها إمامًا في الجيش النظامي الجديد عام 1824، وقد تحدث عن مصر بصورة مباشرة في كتابة.

ووفقاً لما ذكره كتاب “مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية” لـ “رفاعة رافع الطهطاوي”: قد تحقق في مصر اسمها بالمعنى المتعارف أكثر من غيرها؛ لمصير الناس إليها واجتماعهم فيها لمنافعهم ومكاسبهم، وما ذاك إلا لحسن موقعها العجيب الذي أسرع في اتساع دائرة تقدمها في التأنس الإنساني والعمران، وإحرازها أعلى درجة التمدن من قديم الزمان وعلى مر العصور وكر الدهور.

انصقلت في مرآة جوهرها صور أخلاق الخلائق، وتهذبت طباعهم على التدريج وتشبثوا بثمرات العلوم والمعارف ووقفوا على الحقائق، وبمخالطة غيرهم من الأمم ذاقوا حلاوة الأخذ والعطاء وكثرة العلائق، وكما تمدينوا بصنائع العمران تدينوا بما اتخذوه من الأديان، وكان يعْرَف خواصهم وحكماؤهم في الباطن بوحدة الملك الديان.

الأحقاب القديمة

فتَحَقَّقَ فيهم من الأحقاب القديمة الواسطتان المقوِّمتان إذ ذاك لكمال التمدين والعمران: «إحداهما» تهذيب الأخلاق بالآداب الدينية والفضائل الإنسانية التي هي لسلوك الإنسان في نفسه ومع غيره مادة تحفظية تَصونة عن الأدناس وتطَهِّره من الأرجاس؛ لأن الدين يَصْرِف النفوس عن شهواتها ويَعْطِف القلوب على إراداتها حتى يَصِير قاهرًا للسرائر زاجرًا للضمائر رقيبًا على النفوس في خلواتها، نَصوحًا لها في جَلَوَاتها.

فبهذا المعنى كان الدين أقوى قاعدة في صلاح الدنيا واستقامتها، وهو زمام للإنسان؛ لأنه مِلاك العدل والإحسان، فالدين الصحيح هو الذي عليه مدار العمل في التعديل والتجريح، فحقيق على العاقل أن يكون به متمسكًا ومحافظًا عليه ومتنسِّكًا، فأدب الشريعة ما أدى الفرض، وأدب السياسة ما عَمَّر الأرض.

وكلاهما يَرْجِع إلى العدل الذي به سلامة السلطان وعمارة البلدان؛ لأن مَنْ تَرَكَ الفَرْضَ فقد ظَلَم نَفْسه، ومن خَرَّبَ الأرض فقد ظَلَمَ غيره وأَظْلَمَ بالإساءة أمْسه.

المنافع العمومية

“والواسطة الثانية” هي المنافع العمومية التي تعود بالثروة والغنى وتحسين الحال وتنعيم البال على عموم الجمعية وتبعدها عن الحالة الأولية الطبيعية، فإنَّ نور التمدن الجامع لهاتين الوسيلتين تذوق به العباد طَعْم السعادة، ويعد تمدنًا عموميًّا، وأما إذا كان في البلد تقدمات جزئية في أشياء خصوصية كالبراعة في الفلاحة فلا يعد هذا التمدن إلا مَحَلِّيًّا.

ولذلك نرى كثيرًا من الممالك والأمصار امتاز أهْلها بمزايا خصوصية، وبرعوا فيها بحيث لا تَصِل إلى اصطناعها الممالك المتمدنة، ومع ذلك فلا تعد في باب التمدن مِثْلَ غيرها متمكنة، وأيضًا الفنون الموجبة لتقدم التمدن مختلفة قوة وضَعْفًا فيه؛ ففَن الملاحة مثلًا أقوى في إنتاج التمدن من الفلاحة، ونفعه أعن منها في توسيع دائرة العمران عند عارِفِيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى