مرأه بدوية

مارية القبطية: المصرية التي خلدت اسمها في بيت النبوة

مارية القبطية، أم إبراهيم، تعد واحدة من أبرز نساء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي جلبت معها عبق مصر إلى بيت النبوة. هذه المرأة المؤمنة من مصر، ربطت حياتها بتاريخ الأمة الإسلامية منذ قدومها إلى الحجاز، تمامًا كما فعلت هاجر زوجة نبي الله إبراهيم عليه السلام. وقد أوصى النبي أصحابه بالإحسان إلى أهل مصر، مؤكدًا أن له فيهم صلة رحم، مشيرًا إلى فضلهم ومكانتهم عند الله.

من هي مارية القبطية

قصة مارية بدأت حين أهداها المقوقس، حاكم مصر، للنبي مع أختها سيرين وبعض الهدايا الثمينة. جاءت مارية وأختها إلى النبي عن طريق الصحابي حاطب بن أبي بلتعة، الذي عرض عليهما الإسلام، فأسلمت مارية وأصبحت إحدى نساء النبي المحبوبات. وُلدت في قرية حَفن بصعيد مصر، وعاشت طفولتها هناك قبل أن تنتقل مع أختها إلى قصر المقوقس في الإسكندرية.

عند وصولها إلى المدينة، أكرمها النبي ووضعها في بيت السيدة أم سليم. بعد فترة قصيرة، وهب النبي سيرين للشاعر حسان بن ثابت، فيما احتفظ لنفسه بمارية، التي أنزلها في بيت لحارثة بن النعمان بجوار السيدة عائشة. ومنذ ذلك الحين، نالت مارية مكانة عظيمة في قلب النبي، وكان يقضي الكثير من وقته معها، مما أثار غيرة السيدة عائشة، فقرر النبي أن ينقل مارية إلى منطقة العالية في ضواحي المدينة.

في السنة الثامنة من الهجرة، أنجبت مارية للنبي ابنه إبراهيم، وكان ذلك من أسعد أيام حياته. سماه النبي إبراهيم تيمناً بنبي الله إبراهيم عليه السلام، وعندما بلغ اليوم السابع، حلق شعره وتصدق بوزنه فضة وعق عنه بكبش. لكن فرحة النبي لم تدم طويلًا، إذ أصيب إبراهيم بالمرض وتوفي في سن السابعة عشر شهرًا. وقف النبي على جثمان ابنه باكيًا، مرددًا: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى الله.

وفاة إبراهيم كانت ضربة موجعة لوالديه، لكن مارية لم تعش طويلاً بعد هذه الفاجعة، فبعد وفاة النبي بسنة، رحلت مارية عن الدنيا في السنة السادسة عشرة من الهجرة. وحرص الخليفة عمر بن الخطاب على أن يجمع الناس بنفسه ليشهدوا جنازتها، فدفنت بجوار أمهات المؤمنين في البقيع.

بعد فتح مصر في السنة العشرين من الهجرة، اهتم الصحابي عبادة بن الصامت بالبحث عن مسقط رأس مارية، وبنى هناك مسجدًا لا يزال قائماً حتى اليوم في بلدة الشيخ عبادة. بذلك، أصبح اسم مارية رمزًا خالدًا يربط بين مصر وبيت النبوة، ويذكرنا بأن روابط التاريخ والإنسانية أقوى من الحدود الجغرافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى