فاطمة بنت الحسين: المرأة الحكيمة التي لا تعرف الشر
كانت فاطمة بنت الحسين، ابنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، نموذجًا للمرأة المسلمة التي اتصفت بالحكمة والبصيرة، حتى قال عنها الخليفة عمر بن عبد العزيز: إنها لا تعرف الشر. رد الخليفة بأن عدم معرفتها بالشر كان السبب في نجاتها منه، لتظل فاطمة رمزًا للطهر والعفة عبر تاريخ الإسلام.
من هي فاطمة بنت الحسين
نشأت فاطمة رضي الله عنها في بيت علي بن أبي طالب، وتعلمت من والدها الإمام الحسين وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. اشتهرت بتقواها ونصيحتها الدائمة لأبنائها بقولها: “استتروا بستر الله”، وكانت تحرص على توجيههم إلى السلوك القويم، مما جعلها قدوة حسنة للأمهات المسلمات.
تزوجت فاطمة من ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، بعد أن جاء يخطبها من والدها الإمام الحسين، الذي عرض عليه اختيار زوجة من بين فاطمة وأختها سكينة، فاختار الحسن فاطمة. كانت حياتهما مليئة بالتفاهم والمحبة، ورزقها الله بأربعة أبناء: عبد الله، إبراهيم، حسن، وزينب.
لم تسلم حياة فاطمة من المآسي، فقد شهدت مقتل والدها الحسين في معركة كربلاء التي كانت من أشد الفتن في تاريخ المسلمين. بعد استشهاد الحسين، أُخذت فاطمة مع أهل بيتها أسرى إلى عبيد الله بن زياد ثم إلى يزيد بن معاوية. كانت كلماتها المؤثرة ليزيد تعكس شجاعة وكرامة أهل البيت، حيث قالت له: “أبنات رسول الله سبايا؟”، فرد عليها يزيد: “بل حرائر كرام”.
بعد وفاة زوجها الحسن بن الحسن، أتى عبد الله بن عمرو بن عثمان ليخطبها، لكنها تذكرت يمينها التي أقسمت بها بعدم الزواج منه. تدخل عبد الله وعوّضها عن يمينها بمضاعفة الكفارة، فتزوجته وأنجبت منه ثلاثة أبناء، كان أبرزهم محمد الذي عُرف بجماله وسمي بـ”الديباج”.
عاشت فاطمة حياة مليئة بالعلم والشعر، إذ كانت راوية للحديث النبوي، ومن حكمتها التي روتها قولها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب رحمتك”. كما كانت محبة للشعر والشعراء، وقد أكرمت الشاعر الكميت حينما زارها وأمرت له بثلاثين دينارًا، ولكن رفضها قائلاً: “إني لم أحبكم للدنيا”.
واجهت فاطمة بعد وفاة زوجها عبد الله بن عمرو تحديات عديدة، إذ حاول عبد الرحمن بن الضحاك حاكم المدينة خطبتها بالقوة، لكنها رفضته بشدة وشكته إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك الذي عاقب الضحاك أشد العقاب وأمر بنفيه.
استمرت فاطمة بنت الحسين في حياتها كرمز للحكمة والعلم والتقوى، وكانت تتمتع بشخصية قوية ومؤثرة حتى وفاتها في عام 110 هـ. رحلت عن الدنيا بعد أن تركت وراءها سيرة عطرة من العطاء والحكمة، لتظل قدوة للأجيال القادمة