مدائن صالح: أسرار الحضارات القديمة بين الصخور العملاقة
تقع مدائن صالح، المعروفة باسم “الحجر”، على بعد نحو 20 كيلومترًا من مدينة العلا في السعودية، وهي موقع أثري مهم يمتد تاريخه إلى أعماق الحضارات القديمة في منطقة وادي القرى. بفضل موقعها على طريق التجارة القديم الذي يربط جنوب الجزيرة العربية بالشام، أصبحت الحجر مركزًا تجاريًا واستيطانيًا استراتيجيًا.
تاريخ مدائن صالح
الحجر كانت تتمتع بمقومات الاستقرار من مياه عذبة، تربة خصبة، وحماية طبيعية وفرتها الصخور الضخمة المحيطة بالموقع. تاريخيًا، استقر فيها قوم ثمود، رغم عدم العثور على تواريخ دقيقة لوجودهم، ثم سيطر اللحيانيون على المنطقة بعد دحرهم للسكان الديدانيين. بعد ذلك، حكمها الأنباط الذين بنوا حضارتهم الرفيعة في شمال الأردن وفلسطين وامتد تأثيرهم إلى الحجر.
تميز الأنباط بإنجازاتهم في الهندسة المعمارية والنحت، وتركوا خلفهم 131 مدفنًا منحوتًا في الصخور في الحجر، يعود بعضها إلى الفترة بين القرن الأول قبل الميلاد وحتى عام 75م. هذه المقابر والنقوش على واجهاتها تعكس قوة حضارتهم التي وصلت إلى ذروتها في الفنون المعمارية والهيدرولوجية.
بعد سيطرة الرومان على شمال شبه الجزيرة العربية وتحويلهم طرق التجارة إلى البحر الأحمر في القرن الثاني الميلادي، تراجعت أهمية الحجر كمدينة تجارية. ومع ذلك، عاد النشاط إلى المنطقة بعد انتشار الإسلام، وأصبحت الحجر محطة رئيسية لقوافل الحجاج المتوجهة إلى مكة والمدينة.
مدائن صالح اليوم تعتبر شاهدًا حيًا على تطور حضارات الأنباط واللحيانيين والديدانيين، وقد أدرجتها اليونسكو في عام 2008 ضمن قائمة التراث العالمي، لتكون أول موقع سعودي يتم الاعتراف به عالميًا.