ديك الجن: الشاعر الذي قُتلته الغيرة وأحياه الشعر
عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب، المعروف بديك الجن، كان من أبناء حمص، ونسبه يعود إلى تميم الذي دخل الإسلام من أهل مؤتة على يد حبيب بن مسلمة الفهري. ديك الجن كان شديد الولاء لأصله الفارسي، وكان يردد دائمًا أن لا فضل للعرب عليه، قائلاً إنهم يجمعهم وإياهم نسب إبراهيم عليه السلام، وأنهم أسلموا كما أسلم العرب، ومن قُتل منهم يجب أن يُقتل قاتله، مما يؤكد أن الإسلام جمعهم دون تفضيل.
من هو ديك الجن
ديك الجن كان شاعرًا بارعًا، ينتمي إلى مذهب أبي تمام والشعراء الشاميين، وأبدع في شعره خلال العهد العباسي. عاش طوال حياته في حمص، ولم يترك نواحي الشام، ولم يسعَ للشهرة في العراق أو غيرها. كان معروفًا بتشيعه الصادق، وله العديد من القصائد في رثاء الحسين بن علي، ومنها بيت مشهور ينشد به الخاص والعام:
يا عين لا للقضا ولا الكتب
بكا الرزايا سوى بكا الطرب
عاش ديك الجن حياةً ماجنةً، وكان له جارية أحبها، لكنه في لحظة غضب وغيرة اتهمها بعلاقة مع غلام له، فقتلها. بعد هذه الحادثة، كرَّس شعره لمراثيها، وعبر عن ندمه العميق من خلال قصائده.
يروي أبو الفرج أن ديك الجن كان مسرفًا في لهوه ومجونه، متلفًا لميراثه، ومعتمدًا في كسبه على أشعاره التي قدمها لأحمد وجعفر ابني علي الهاشميين. كان له ابن عم يُدعى أبو الطيب، يحاول دائمًا أن ينصحه ويمنعه عن طريق اللهو الذي كان يسلكه، وفي بعض الأحيان كان يهجم عليه أثناء جلساته مع رفاقه من السفهاء والمجان، مما كان يسبب لديك الجن حرجًا وغضبًا، حتى أنه قال فيه قصائد تعبر عن مشاعره المتناقضة تجاهه.