فنون و ادب

 بكر بن النطاح: فارس الشعر وصعلوك اليمامة

بكر بن النطاح الحنفي، الملقب بأبي وائل، شاعر غَزِل وفارس من بني حنيفة من أهل اليمامة. بدأ حياته صعلوكاً يجوب الطرقات، ثم توقف عن هذا النهج واشتهر بالشعر.

انتقل إلى بغداد في عهد الخليفة هارون الرشيد، حيث اتصل بأبي دُلَف العجلي، الذي منحه رزقاً سلطانياً عاش به حتى وفاته.

يذكر أبو الفرج الأصفهاني في “الأغاني” أن بكر بن النطاح كان من شعراء الحجاز وكان يُكنى بأبي وائل. اختلفت الروايات حول نسبه؛ فبعضهم قال إنه من بني سعد بن عجل، بينما قال آخرون إنه حنفي من بني لجيم. يُستشهد بأبياته التالية لدعم النسبين المختلفين:

فإن يك جد القوم فهر بن مالك
فجدي عجل قرم بكر بن وائل

وقال آخرون:

فجدي لجيم قرم بكر بن وائل

وكان بكر قد توقف عن حياة الصعلكة بفضل أبي دلف، الذي جعله من جنوده ومنحه رزقاً سلطانياً. عرف بكر بشجاعته وبراعته في الشعر ووصفه الدائم لنفسه بالشجاعة والإقدام.

 قصته مع أبي دلف

روى الحسن بن علي أن بكر بن النطاح أنشد أبي دلف قصيدته التي يقول فيها:

هنيئاً لإخواني ببغداد عيدهم
وعيدي بحلوان قراع الكتائب

أثنى أبو دلف على شجاعته وأعطاه عدة وأسلحة، فأثبت بكر جدارته بأخذ مال أبي دلف من بعض ضياعه والعودة به بعد معركة ناجحة.

 قصته مع الرشيد ويزيد بن مزيد

يروي الحسن بن علي أن الخليفة هارون الرشيد استدعى يزيد بن مزيد وسأله عن أبيات شعر تتحدث عن شجاعة وأصول الشاعر، والتي كانت لبكر بن النطاح. بعد ذلك أخفى يزيد بكر عن الأنظار حتى وفاة الرشيد، ثم أعاد اسمه وزاد في عطائه.

عشق بكر بن النطاح لجارية تدعى رامشنة

أحب بكر جارية اسمها رامشنة، وقال فيها أبياتاً عديدة منها:

حيتك بالرامشن رامشنة
أحسن من رامشنة الآس

وصف فيها جمالها وحبه العميق لها.

 إعجاب المأمون بشعره ونقد سلوكه

روى الحسن بن علي أن الخليفة المأمون أثنى على بيت شعر لبكر بن النطاح، لكنه انتقده لتسوله ومدحه لأبي دلف بدلاً من الاعتماد على سيفه كما يزعم.

مدح بكر لأبي دلف

عندما أثنى بكر بن النطاح على بطولات أبي دلف وأشاد بشجاعته في معركة ضد الأكراد، كافأه أبو دلف بعشرة آلاف درهم. قال بكر فيه:

له راحة لو أن معشار جودها
على البر كان البر أندى من البحر

حبه لغلام نصراني

عشق بكر غلاماً نصرانياً وكتب فيه شعراً يعبر عن شوقه وحبه له:

يا من إذا درس الإنجيل كان له
قلب التقي عن القرآن منصرفا

خلافه مع أبي دلف

تروي الحكايات أن بكر كان يطلب سنوياً من أبي دلف مالاً لشراء أرض بجانب أرضه، حتى ضجر أبو دلف من تكرار الطلب، ما أغضب بكر ودفعه لكتابة شعر يعبر عن غضبه:

يا نفس لا تجزعي من التلف
فإن في الله أعظم الخلف

بكر بن النطاح، الشاعر الفارس، عاش حياة مليئة بالمغامرات والأشعار التي تخلد اسمه في ذاكرة الأدب العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى