تاريخ ومزارات

مسجد قباء: أول منارة إسلامية في المدينة المنورة

على بعد خمسة كيلومترات فقط من المسجد النبوي الشريف، يقع مسجد قباء، أول مسجد أُسس في الإسلام، في الجنوب الغربي من المدينة المنورة. تروي كتب السيرة والوثائق أن هذا المسجد المبارك بدأ بناءه عندما وصل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة مهاجرًا من مكة. توقف هناك في قباء، حيث وجد بئرًا لأبي أيوب الأنصاري، فاختار ذلك الموقع ليكون بداية لمشروعه العظيم.

تاريخ مسجد قباء

وضع النبي – صلى الله عليه وسلم – أول حجر في قِبلة المسجد، تلاه أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – بوضع حجر آخر، ثم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ليشترك الجميع بعدهم في البناء بفرح وبهجة حتى اكتمال المسجد.

كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُعطي مسجد قباء مكانة خاصة، حيث كان يحرص على زيارته والصلاة فيه كل يوم سبت، واستمرت هذه العادة بين أهل المدينة حتى يومنا هذا. ووفقًا لرواية الشموس بنت نعمان، كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأتي بالحجر ملتصقًا إلى بطنه ليضعه في البناء، وحينما يحاول الرجال حمله، يعجزون عن ذلك حتى يأمرهم بتركه.

بعد اكتمال بناء المسجد، أثنى الله على أهل قباء في القرآن الكريم بقوله: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108].

اختلف العلماء في تحديد المسجد الذي أُسس على التقوى، فرجح بعضهم أنه مسجد قباء، مستدلين بقوله تعالى (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)، كما كان قباء هو المسجد الأول الذي بُني قبل المسجد النبوي. كما يدعم هذا الرأي حديث أبي هريرة رضي الله عنه حول التطهر بالماء الذي نزل في أهل قباء. بينما رأى آخرون أن المسجد المقصود هو المسجد النبوي في المدينة، وذلك وفقًا لرواية عن ابن عمر – رضي الله عنه -.

في كلتا الحالتين، يبقى مسجد قباء رمزًا للمحبة والإيمان، وموقعًا تاريخيًا يُجسد روح الإسلام الأصيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى