خبير أثري يكشف عواصم مصر التاريخية على مر العصور
أميرة جادو
كشف الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر، إن منطقة “بوتو” تل الفراعين، وهى منطقة تقع شمال غرب محافظة كفر الشيخ، وتعرف حاليا باسم “تل الفراعين”، وكانت مدينة “بوتو” أو “إبطو” عاصمة للوجه البحرى.
ثاني أكبر عاصمة لمصر القديمة
وأشار إلى أن قبل عصر التوحيد اختصتها مصادر العصور التاريخية فى مصر القديمة بحضانة الطفل “حورس” الذى وضعته أمه “إيزيس” بتلك الجزيرة المجاورة لها “أخبيت” قرية شابه الحالية مركز دسوق فى أحراش الدلتا، و”بوتو” كجبانه وجد بداخلها آلاف التوابيت البرميلية الشكل والآدمية أيضا، و”منف” أو حسب النطق اليوناني “ممفيس” كانت ثاني عاصمة لمصر الموحدة وتقع حاليا في محافظة الجيزة.
كما تشمل منطقة ميت رهينة بالبدرشين، وأهرامات الجيزة، وسقارة، وأبوصير، وكانت مركزا للسلطة ومقرا للفراعنة الأوائل قرابة ١٠٠٠ عام كانت مصر فيهم أهم وأقوى دولة في المنطقة بل وفي العالم المعمور آنذاك، وماتزال بها أو محيط بها أهم وأكبر أهرامات مصر العظمى من هرم سقارة وهرم سنفرو وأهرامات الجيزة وأبو الهول وغيرهم.
وتابع “عامر” أن “إهناسيا” ظهرت كعاصمة مع انتقال الحكم للأسرة التاسعة عام ٢١٨٠ ق.م كانت مصر في مرحلة من الضعف واللامركزية وأسس “مرى_اب_رع” مدينة “هيراكليوبوليس” التي تقع مكان مدينة “إهناسيا” الحالية ببني سويف ولم تكن العاصمة بقوة “منف”، مما أدى لكثير من الضعف على ما يبدو وصعود نبرات الإستقلال المحلية واللامركزية وظل الوضع كذلك حتى نهاية حكم الأسرة العاشرة عام ٢٠٦٠ ق.م.
نقل العاصمة في الأقصر
كما أن “اللشت” أصبحت عاصمة للأسرة الحادية عشرة فقررت نقل العاصمة إلى مدينة “طيبة” في الأقصر، ثم قررت الأسرتان الثانية عشر والثالثة عشر فنقلت العاصمة إلى منطقة “اللشت”، وهي منطقة ما بين الفيوم وبني سويف، ومع إحتلال الهكسوس جزء من مصر إتخذوا “أواريس” عاصمة لهم
وهي تقع مكان “تل الضبعة” في دلتا مصر في محافظة الشرقية قرب مدينة “صان الحجر”، ويذكر أن هذه المدينة أسسها بعض التجار الكنعانيون وانتقلت إليها الأسرتان الرابعة عشر والخامسة عشر.
عواصم مصر عبر التاريخ
ولفت “عامر” أن “طيبة” أصبحت من أهم عواصم مصر عبر التاريخ وظلت عاصمة لمصر في أغلب فترات العصور القديمة، وكانت في مراحل مختلفة تعتبر عاصمة لأكبر إمبراطوريات العالم القديم، أول من أسسها وجعلها عاصمة لمصر كان الملك “انيوتف الأول” من الاسرة الحادية عشر.
وبعدهم ظلت طوال الوقت عاصمة لمصر حتى في أثناء فترة “الهكسوس” الذين إتخذوا من “أواريس” في الدلتا عاصمة لهم، حيث كانت مقر للحكام المصريين الذين كانوا يقاومون “الهكسوس” طوال مدة تواجدهم في الشمال، لذلك كانت طيبة لأكثر من ١٠٠٠ عام عاصمة لمصر سواء عاصمة مقاومة أو عاصمة رسمية، و”طيبة” هي مدينة الاقصر الحالية، والتي تمتلئ بأهم وأقوى مظاهر مجد الحضارة المصرية القديمة.
مدينة الإله الواحد
أما عن “أخيتاتون” والتي عرفت بإسم “مدينة الإله الواحد”، ف عندما وصل “أمنحتب الرابع” للعرش غير اسمه ل”إخناتون” وأعلن عن إحياء عبادة الإله “أتون” الواحد وحارب كهنة “آمون”، وقرر نقل العاصمة المصرية من “طيبة” لمدينته الجديدة “أخيت_آتون” والتي تقع في منطقة “تل العمارنة” في محافظة المنيا حاليا، وظلت عاصمة لمصر طوال عهده وحتى عام ١٣٣٦ ق.م قرابة ال ثلاثون عاما.
واستطرد الخبير الأثري أن “تانيس، وسايس، وبوباستيس” أصبحت “عاصمة السيطرة الاشورية” فنجد أن الثلاث عواصم هم في الواقع الجغرافي مكانا واحدا تقريبا يقع في محافظة الشرقية في مدينة “صان الحجر” الحالية التي كانت عاصمة للبلاد لمدة ٥٥٠ عام تقريبا خلال مدد حكم الأسر من الحادية عشر، وحتى الثانية والعشرين بإستثناء الأسرة الخامسة والعشرين التي حاولت إعادة العاصمة القديمة “منف” ولكنها هزمت من جيوش الأشوريين.
فترة ضعف شديد لمصر
وكانت هذه الفترة فترة ضعف شديد لمصر، حيث انفصلت النوبة تقريبا عن مصر، وكانت الدولة الآشورية تسيطر على كافة نواحي الحياة في مصر، وتعين الأمراء وتعزلهم حسب رغبتها، بل ولم تنهض مصر إلا مع بداية حكم الأسرة السادسة والعشرين التي أسسها الملك “بسماتيك الاول”.
وكانت عاصمته أيضا “تانيس” وهو الذي إستطاع طرد الاشوريين من مصر وتوحيد مصر من جديد ولكنه إحتفظ بنفس العاصمة هو والأسرة من بعده وحتى دخول الفرس وإحتلال مصر عام ٥٢٥ ق.م.
آخر عواصم مصر
ولكنها عادت عاصمة مرة أخرى في عهد الاسرتان الثامنة والعشرين والتاسعه والعشرين، ونجد أن “سبينيتوس” هي أخر عواصم المصريين القدماء، وهي مقر حكم الأسرة الثلاثون أخر أسر الفراعنة حسب “مانيتون” وتقع في مدينة “سمنود” الحالية، وإنتهت كعاصمة بعد إسقاط الفرس لها وإحتلالهم المباشر لمصر من جديد.
وأكمل “عامر” أن الإسكندرية ظلت عاصمة مصر لقرابة ١٠٠٠ عام، وتعتبر أهم العواصم المصرية إلى جانب “منف” و”طيبة” و”القاهرة”، بعد دخول الإسكندر الأكبر لمصر وقضاؤه على الإحتلال الفارسي عام ٣٣٢ ق.م، وضع حجر أساس مدينته الجديدة التي أسماها باسمه “الإسكندرية” والتي أتم تأسيسها الملك “بطليموس فيلادلفوس”، ومنذ هذا الوقت أصبحت “الإسكندرية” عاصمة للعالم بمكتبتها الكبرى ومنارتها التي عدت من عجائب العالم القديم، وحين إنتهى عصر البطالمة وإجتاحت جيوش الرومان مصر ظلت “الإسكندرية” عاصمة لولاية مصر الرومانية ومركزا حضاريا وثقافيا كبيرا، وزادت أهميتها الدينية بعد دخول القديس مرقس الرسول إليها، وأصبحت بعد ذلك مركزا للمسيحية في العالم حتى إنتهت كعاصمة للبلاد بعد دخول العرب لمصر ٦٤١م.
بناء الفسطاط
وأكد “عامر” أن الفسطاط والتي قال عنها “البلاذري” إنها بنيت بعد سقوط حصن بابليون، وقال بقية المؤرخين إنها بنيت بعد فتح “الإسكندرية”. وتميز موقع “الفسطاط” بأنه موقع تجاري يقع على مجرى ملاحي هام. حيث قام عمرو بإعادة حفر ترعة “طرايانوس” أو “أمنيس تراجانوس”، والتي كانت تصل “الفسطاط” بالسويس على البحر الأحمر.
وتمر ببلبيس وبحيرة التمساح والتي كانت قد أهملت، فتصاعدت قيمة المدينة حيث اصبح فيها ميناء تجاري، وإستمرت “الفسطاط” عامرة وفي بهائها ورونقها لمدة ١١٣ عاما وكان أول ولاتها عمرو بن العاص ومن بعده تولاها ٢٨ أميرًا، كان آخرهم صالح بن علي بن عبد الله من قبل أبى العباس بن محمد المعروف بالسفاح، ثم إنتقل الأمراء بعد ذلك إلى العاصمة الثانية لمصر الإسلامية وهي مدينة “العسكر”.
أول مكانين أثريين إسلاميين
كما أن “الفسطاط” وجامع عمرو بن العاص هما أول مكانين أثريين إسلاميين. وقد تم إنشاء مدينة “الفسطاط” عام “٢١هـ_٦٤١م”، أما عن “العسكر” فكانت في عهد العباسيين منطقة “العسكر” العاصمة، وقد بنيت عام “١٣٣هـ_٧٥٠م”. وبنيت شمال مدينة “الفسطاط”، وشرق حي المدابغ الحالي، وجنوب حي زين العابدين المعروف حاليا بحي زينهم.
ونجد أن “القطائع” والتي إتخذها الطولونيين من مدينة “القطائع” التي بناها أحمد بن طولون والي مصر وجعلها عاصمة لهم عام “٢٥٦هـ_٨٦٩م”، وهي الآن قلعة الكبش بمحافظة القاهرة. ونجد أن القاهرة كانت هي العاصمة التالية لمصر والتي استمرت أطول فترة في التاريخ. حيث أنشئت في عصر الخليفة “جوهو الصقلي”. وهي رابع عواصم مصر الإسلامية عام “٣٥٨هـ_٩٦٩م”. والتي أصبحت مقراً لحكم الخليفة الفاطمي في مصر.