برج بابل: قصة البلبلة و”باب الآلهة”

تأتي قصة برج بابل من التوراة، في سفر التكوين، حيث يُروى أن الأرض كانت ذات لغة واحدة، وقرر سكانها بناء مدينة وبرج يصل إلى السماء قائلين: “لنجعل لنا اسماً لئلا نتشتت على وجه الأرض”. ونزل الرب ليرى المدينة والبرج، وقال: “إن البشر كلهم واحد، ولهم لغة واحدة، ولن يعصى عليهم شيء ينوون صنعه. فلننزل ونبلبل لغتهم لكي لا يفهم بعضهم كلام بعض”. وهكذا، شتتهم الرب على وجه الأرض كلها، وتوقفوا عن بناء المدينة. ولذلك سميت بابل، لأن الرب بلبل لغة الأرض جميعاً هناك.
تاريخ برج بابل
هذا النص كتبه أحبار اليهود في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، لكن بعض المؤرخين يرون أن القصة تعود في الأصل إلى السومريين الذين عاشوا في منطقة بابل. النص يربط بين اسم المدينة “بابل” وجذر الكلمة العبرية “ببل” التي تعني التشويش أو الخلط. في الواقع، كلمة بابل تتألف من كلمتين أكاديتين: “باب-إيلو” ومعناها “باب الله” أو “باب الآلهة”. المؤرخون والآثاريون اليوم يرون أن قصة سفر التكوين مستمدة من خرائب الأبراج الضخمة المعروفة بالزقورات، وأن برج بابل هو الزقورة التي كانت في قلب بابل في أرض شنعار.
الزقورات ذُكرت كثيراً في الأدب البابلي، وأقدم الإشارات المنقوشة تعود إلى غوديا، ملك لكش في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد. تشير هذه المنقوشات إلى “أي-با”، الهيكل ذي الطوابق السبعة الذي أقامه غوديا لإله المدينة “ننغورسو”.
ملوك تلك الأرض شيدوا مبانٍ مشابهة وكتبوا عليها عبارات تفاخرية. على سبيل المثال، يقول نابو بولاسر، مؤسس السلالة البابلية الجديدة (625-605 ق.م.)، عن البرج الذي رممه في بابل: “أمرني الرب مردوخ بشأن أيتيم أنانكي، برج بابل المدرج، الذي كان قبل زمان قد أصابه البلى والخراب، وأن أوطد أسسه في حضن العالم السفلي وأجعل قمته كالسماء”.