قبائل و عائلات

الشعب الذي سرق البيض جنته.. تعرّف على القصة الكاملة للهنود الحمر في أميركا

كتب عمر محمد

 

الهنود الحمر، شعوب وقبائل استقرت في أميركا لآلاف السنين، قبل أن يسحقهم مستوطنون ومهاجرون أوروبيون اغتصبوا أرضهم وأقاموا عليها ما يسمى حاليا الولايات المتحدة الأميركية، وغيّروا في الوقت ذاته التركيبة السكانية والهوية الثقافية لأميركا الجنوبية.

 

التاريخ

وفق دراسات تاريخية، فإن أسلاف الهنود الحمر قدموا من جنوب سيبيريا إلى الأراضي الأميركية قبل 15 ألف عام، وخلال موجة هجرة واحدة، وذلك قبل آلاف السنين من اكتشاف الإنسان الأوروبي لهذا الجزء من المعمورة.

 

لكن اكتشافات أثرية حديثة ودراسات لفك رموز الحمض النووي تشير إلى أن أسلاف الهنود الحمر وصلوا إلى أميركا على مراحل مختلفة ومن مناطق مختلفة أيضا.

 

اللغة والدين

وقبل قدوم الأوروبيين إلى الأميركيتين، كان السكان الأصليون يتكلمون مئات اللغات، وكانت لكل قبيلة لغتها الخاصة بها، وما زال الهنود الحمر في أميركا الشمالية يتحدثون 150 لغة محلية.

 

ومن أبرز هذه اللغات “نفاجاو” التي يتحدث بها أكثر من 160 ألف نسمة، و”يوبيك” ويتحدث بها أزيد من 19 ألف إنسان، و”داكوتا” ويتحدث بها حاليا 17 ألف شخص على الأقل.

 

بيد أن 73% من الهنود الحمر في الولايات يتحدثون الإنجليزية فقط.

 

وفي أميركا الجنوبية تهيمن البرتغالية والإسبانية، لكن العديد من لغات الهنود الحمر لا تزال حية وتتحدث بها شرائح واسعة مثل لغة “الكيشتو” في بوليفيا والإكوادور والبيرو، ولغة “الواييويه” في كولومبيا وفنزويلا.

 

ولم يتعرّف هؤلاء السكان على المسيحية قبل أن يصلهم الإنسان الأوروبي مستوطنا ومهاجرا. وحاليا تعتنق شرائح من الهنود الحمر الديانة المسيحية.

 

في 1492 أبحر المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس من ميناء إسباني متجها إلى الهند، ولكنه ضلّ طريقه ووصل إلى أميركا الوسطى، وهناك تعرف على شعب بدا له أن لونه يميل إلى الحمرة فأطلق عليه “الهنود الحمر” .

 

وتقول وثائق تاريخية إن كولومبوس كتب رسائل تحث الأوروبيين على احتلال هذه الأرض، وجاء في إحدى هذه الرسائل “هؤلاء السكان يجب أن يكونوا خداما جيدين وأتباعا مخلصين للكنيسة”.

 

ولاحقا تتالت الرحلات الأوروبية الاستكشافية لأراضي أميركا الشمالية والجنوبية.

 

أما الكتب الإنجليزية التي صدرت عن الهنود الحمر في بداية القرن الـ16 فقد وصفتهم بأنهم “وحوش لا تعقل ويأكلون زوجاتهم وأبناءهم”.

 

وقد لعبت هذه النظرة الاستعلائية والاستعمارية دورا مهما في تبرير إبادة همجية ارتُكبت ضد سكان الأرض التي سميت لاحقا الولايات المتحدة الأميركية.

 

 

ومع مطلع القرن الـ16 بدأت العديد من الدول الأوروبية -وبالذات إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وفرنسا وهولندا- استغلال الموارد الطبيعية في أميركا واستعباد سكانها وتهجيرهم من المناطق المهمة.

 

وعلى امتداد سنوات، تقاسمت الدول الأوروبية النفوذ والموارد في هذه الأرض. وفي فترات لاحقة اشتد التنافس بين فرنسا وبريطانيا وعملت كل منهما على شراء ولاء السكان الأصليين.

 

وإلى جانب فرنسا وبريطانيا، أقامت السويد والدانمارك وهولندا مستعمرات على هذه الأرض وعلمت على استنزاف ثرواتها الهائلة ومضايقة سكانها الأصليين وتهجيرهم.

 

وأما أميركا الجنوبية فكانت من نصيب البرتغال وإسبانيا، وعملت الدولتان على تأسيس مراكز تجارية واستغلال الموارد واستخراج الكنوز وفرض الضرائب على السكان الأصليين، وكان لهاتين الدولتين حضور أيضا في أميركا الشمالية.

 

سحق الهوية والإبادة الجماعية

قاوم السكان الأصليون الاستيطان الأوروبي وخاضوا كفاحا مسلحا ضد الفرنسيين والبريطانيين والإسبان.

 

وتفيد الوثائق التاريخية بأن السكان الأصليين قتلوا من المستعمرين الإنجليز أكثر من 300 جندي في معارك بين الطرفين عام 1946، لكن السكان الأصليين انهزموا في نهاية هذه الجولة من الصراع.

 

ولاحقا انتفض السكان الأصليون من جديد ضد الوافدين الأوروبيين في جولات عديدة في أعوام 1675-1676 و1680-1692 و1689-1763.

 

وبعد سقوط الاستعمار الإنجليزي وإعلان قيام الولايات المتحدة عام 1776، واصل السكان الأصليون كفاحهم رافضين الخضوع للسلطة التي قامت على أرضهم.

 

ونفذت الحكومات الأميركية حملات إبادة ضد السكان الأصليين وعملت على تدمير مزارعهم وطمس هوياتهم واقتلاعهم من جذورهم، وتهجيرهم من المناطق الخصبة وتلك التي تتوفر على موارد طبيعية إلى مناطق قاحلة لا تصلح للعيش.

 

وتقول المؤرخة روكسان دنبار أورتيز إن حرب الأميركيين البيض على السكان الأصليين شملت قتل المدنيين وتدمير الحقول.

 

 

وتروي أن الإبادة الجماعية للسكان الأصليين بلغت ذروتها في عهد الرئيس أندرو جاكسون الذي قاد الولايات المتحدة في الفترة من 1929 إلى 1839.

 

وفي 28 مايو/أيار 1980 أصدر الكونغرس قانونا عرف باسم قانون “إبعاد الهنود”، وسمح هذا القانون للرئيس بالتفاوض مع الهنود الحمر لإبعادهم إلى أراض فدرالية غرب الميسيسيبي، مقابل التخلي عن أراضيهم الأصلية.

 

وقد تدفق ملايين المهاجرين الأوروبيين إلى مناطق الهنود الحمر واستولوا على أراضيهم، بدعم من الحكومة الأميركية.

 

واستمرت ثورات السكان الأصليين حتى 29 ديسمبر/كانون الثاني عام 1890، حيث ارتكب الجيش الأميركي مذبحة “الركبة الجريحة” في منطقة “ساوت داكوتا”.

 

فقد قتل الجيش الأميركي مئات من المدنيين العزل وبينهم النساء والأطفال، وشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف السكان الأصليين، مما أدى إلى سحق مقاومتهم وتمكين الأميركيين الجدد من فرض سلطتهم على كل ما يسمى حاليا الولايات المتحدة الأميركية.

 

 

الوضع السياسي والاقتصادي

تعترف القوانين الفدرالية الاتحادية الأميركية بالتجمعات السكانية للهنود الحمر بأنها “أمم محلية تابعة” تتمتع بالسيادة على مناطقها وسكانها، ولكنها لا تتمتع باستقلال كامل.

 

وحاليا، توحد في الولايات المتحدة مئات الكيانات القبلية، ولكل منها أنظمتها وقوانينها وإداراتها الذاتية. وأغلب هذه التجمعات تعيش في عزلة وفقر مدقع، ويفتقر العديد من سكانها إلى الخدمات الأساسية.

 

وحسب أرقام نشرها موقع “الكونغرس الوطني للأميركيين الهنود”، فإن 40% من مساكن الهنود الحمر دون المستوى المطلوب ومكتظة، بينما أزيد من نصفها غير موصول بشبكات الصرف الصحي. كما أن 50% من منازل السكان الأًصليين في بعض المناطق القبلية لا تتوفر على خدمات الهاتف.

 

وترتفع البطالة في صفوف الهنود الأحمر حيث تبلغ 30% في الإجمال وتصل إلى 60% في بعض “الأمم المحلية”.

 

ويعدّ الوضع الصحي للهنود الحمر الأكثر هشاشة في الولايات المتحدة، حيث تفتك بهم أمراض القلب والسكري ويعيشون أعمارا أقل بـ5 سنوات من متوسط العمر لباقي الأميركيين.

 

التعداد السكاني والتوزيع الجغرافي

يبلغ تعداد الهنود الحمر نحو 90 مليون نسمة يتوزعون على أميركا الشمالية والجنوبية.

 

ووفق أرقام رسمية نشرت عام 2010، فإن تعداد الهنود الحمر في الولايات المتحدة يبلغ 5.2 ملايين نسمة، يعيش 22% منهم في التجمعات القبلية أو ما تسمى الأمم المحلية، بينما يعيش الباقون في مختلف المدن الأميركية.

 

لكن أرقاما أخرى تشير إلى أن عدد الهنود الحمر في الولايات المتحدة يراوح بين 4 ملايين و7 ملايين نسمة.

 

ووفقًا لتقديرات مكتب الإحصاء السكاني لعام 2018، فإن الولايات التي توجد فيها أعلى نسبة من الهنود الحمر هي: ألاسكا (27.9%) ، أوكلاهوما (17.4%) ، نيو مكسيكو (14.5%) ، ساوث داكوتا (12%) ، مونتانا (9.2%).

 

وتمثل نسبة الهنود الأميركيين أقل من 2% من مجموع سكان الولايات المتحدة البالغ تعدادهم أزيد من 334 مليون نسمة.

 

 

أما في المكسيك فتشير التقديرات إلى أن عدد الهنود الحمر يتجاوز 10 ملايين نسمة، كما تضم كندا 1.2 مليون نسمة.

 

وفي أميركا الجنوبية، تحتل البيرو الصدارة من حيث عدد الهنود الحمر إذ يبلغ تعدادهم 13 مليون نسمة، تليها بوليفيا التي تضم 6 ملايين، وغواتيمالا بـ5.4 ملايين، والإكوادور بـ3.4 ملايين.

 

وتوجد أقليات من الهنود الحمر في البرازيل وفنزويلا وتشيلي والأرجنتين وكذلك بقية دول أميركا اللاتينية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى