بعلبك: مدينة التاريخ والزراعة والإبداع
تقع مدينة بعلبك اللبنانية في قلب سهل البقاع، المشهور بخصوبته وغنى محاصيله الزراعية التي تغطي مساحات شاسعة. تحيط بها من الشرق والغرب سلسلتان جبليتان. هما جبال لبنان الشرقية والغربية، ما يضفي عليها مشهدًا طبيعيًا ساحرًا. بعلبك هي مركز قضاء بعلبك بمحافظة البقاع. وترتفع عن سطح البحر بـ 1150 مترًا، وتبعد حوالي 90 كيلومترًا عن العاصمة بيروت.
تاريخ بعلبك
تشتهر بعلبك بزراعة الخضار والفواكه والحبوب، وأشجار المشمش التي تملأ أرجاءها. إلى جانب الزراعة، تحتل التجارة مكانة هامة في اقتصاد المدينة. كما تتنوع صناعاتها التقليدية، مثل صناعة السكاكر والحلويات والحياكة والنسيج، وتشتهر بشكل خاص بصفيحتها البعلبكية.
التاريخ العريق والآثار الرومانية
تعود أصول بعلبك إلى زمن الفينيقيين، وكانت تُعرف في العهد السلوقي باسم “هليوبوليس” أو “مدينة الشمس”. احتلها الرومان في القرن الأول الميلادي، وحولوها إلى مركز لعبادة جوبيتير، حيث شيدوا فيها العديد من الهياكل والمباني الرومانية الرائعة. أشهر معالمها الأثرية هي القلعة التاريخية والهياكل الرومانية ومعبد باخوس، والتي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
الحضارة الإسلامية والشخصيات البارزة في بعلبك
فتحت بعلبك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد أبي عبيدة بن الجراح. وتضم المدينة مساجد تاريخية مثل المسجد الأموي الذي يتم ترميمه حاليًا ومسجد الظاهر بيبرس. من بين العلماء الذين ينتمون إلى بعلبك: قسطا بن لوقا البعلبكي، الذي برع في الفلسفة والطب والهندسة والموسيقى، والإمام عبد الرحمن الأوزاعي، ومحمد بن علي بن الحسن المعروف بالشيخ الدين.
خليل مطران: شاعر القطرين
من أبرز الشخصيات الأدبية في بعلبك الشاعر اللبناني خليل مطران، المُلقب بشاعر القطرين، حيث جمع بين الشعر المصري واللبناني. من أشهر أعماله “ديوان الخليل”، وقصائده “الأسد الباكي” و”آثار بعلبك”. توفي سنة 1949، لكنه ترك إرثًا شعريًا خالدًا.
بعلبك ليست مجرد مدينة؛ إنها رمز لتاريخ عريق وثقافة غنية وتنوع حضاري. من زراعتها المزدهرة وصناعاتها التقليدية إلى آثارها الرومانية العظيمة وتراثها الإسلامي العريق. تبقى بعلبك شاهدًا على تلاحم الحضارات والازدهار المستمر. قصتها تظل ملهمة، تروى للأجيال القادمة لتذكيرهم بعظمة الماضي وروعة الحاضر.