مرأه بدوية

كلثوم عودة: رحلة البروفسورة العربية من دار المعلمات إلى قمم الأدب والشجاعة

في عام 1947، أطلقت مجلة الهلال المصرية مسابقة بعنوان “كيف يعيش المرء هنيئاً”، وتولى التحكيم نخبة من أبرز الأدباء والكتاب العرب، منهم مصطفى عبد الرازق وخليل مطران وسلامة موسى. وقد أثارت النتائج دهشة الجميع عندما أعلن أن الفائزة هي امرأة لم تكن معروفة بالرفاهية في حياتها، بل كانت تعرف بجهودها الدؤوبة وتفانيها في العمل. هذه المرأة هي كلثوم نصر عودة، ابنة الناصرة، التي كانت معروفة في فلسطين حتى ذلك الوقت فقط كالفتاة التي درست وعلمت في مدرسة “الموسكوب”، أو “دار المعلمات الروسية في بيت جالا”، قبل أن تنتقل إلى “بلاد الموسكوب” حيث برعت في الترجمة وكتابة القصة القصيرة وأصبحت من الشخصيات البارزة في الأوساط الأدبية والأكاديمية في ليننغراد.

 من هي كلثوم عودة 

عندما أعلنت مجلة الهلال عن فوز كلثوم عودة بالجائزة، كانت تلك اللحظة الأولى التي اطلع فيها العامة على تفاصيل حياتها الشخصية والمهنية. كلثوم، التي واجهت تحديات كبيرة بدءًا من الصغر، حيث كان لون بشرتها الداكن موضوعًا للسخرية، وكانت تلقب بـ”السوداء” و”الست سكوت” بسبب انطوائها وتفانيها في الدراسة على الرغم من معارضة والدتها.

تحدثت عن تجربتها بعد هروبها من المنزل لتتزوج من طبيب روسي، وهو قرار لم يغفر لها إلا بعد سنوات. سافرت مع زوجها إلى روسيا في عام 1914، حيث بدأت تتعلم التمريض، وبعد إتمام تدريبها، انتقلت للعمل في الصرب والجبل الأسود. وبعد ست سنوات من الزواج، توفي زوجها، تاركًا إياها وحيدة مع ثلاث بنات في بلد غريب.

وصفت كلثوم مشاعرها خلال تلك الفترة، حيث كانت تعمل في مجال الرعاية الصحية خلال الحروب في البلقان وروسيا، وكيف وجدت السعادة في مساعدة الجنود وتخفيف آلامهم. كما تحدثت عن جهودها في زراعة الأرض والعمل الشاق لتوفير العيش الكريم لها ولبناتها، مؤكدة أنها لم تشعر بالجوع أو الحاجة حتى خلال أوقات المجاعة والحروب.

كلثوم عودة فاسيليا، التي كانت أول امرأة عربية تحصل على لقب بروفسور في الاتحاد السوفياتي، حازت على الميدالية الذهبية مرتين تقديرًا لشجاعتها خلال الحرب. تركت وراءها إرثًا ثريًا من القصص القصيرة والترجمات الأدبية بين الروسية والعربية. وعلى الرغم من إنجازاتها العديدة، لم تنس كلثوم جذورها الفلسطينية، حيث عادت في عام 1928 لتسهم في النهضة النسائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى