يلبي الدعوات وينصر المظلومين.. ما هي حقيقة بوابة المتولي ؟
كانت القاهرةة القديمة تحاط بأسوار شاهقة وضخمة، بناها حكام مصر لحمايتها من ناحية. ولتفتح عندما يدق عليها الزائرون فتفتح لهم مصاريعها لترحب بهم. ومن ناحية أخرى، زودت هذه الأبراج الضخمة بأبراجًا شاهقة لتكون مرمى للسهام. كما زودت بنوافذ صغيرة فوق المداخل لصب السوائل المغلية والمواد الكاوية والمصهورة على كل من يحاول اقتحام الباب.
باب زويلة
من أشهر بوابات القاهرة على الإطلاق “باب زويلة“، الذى سمى بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة من البربر تسمى “زويلة”، استقرت بالقرب من البوابة. وينفرد هذا الباب بشكل معماري متميز، حيث استغل الملك المؤيد أبراجه الملحقة به لبناء مئذنتين لجامعه فظهر الباب مزدانا بهاتين المئذنتين.
اشتهر هذا الباب بأن الدماء عنده لم تتوقف عن التدفق، فقد اختص ليكون مقراً لتعليق الكثير من الرؤس المقطوعة عليه. ليكون أصحابها عبرة للقاصي والداني، وليبث الذعر والخوف في النفوس. فقد كان الباب صرة القاهرة، متوسطاً مجموعة من الأسواق المتتالية التي لا تخلو من الزحام وكثافة حركة الرواد ليلاً أو نهاراَ
كانت أول حادثة صلب على بابا زويلة يوم العاشر من محرم عام 694 هـ. حيث ركب جماعة من المماليك تحت الليل وفتحوا باب سعادة. وهجموا على اصطبلات الناس وأخذوا خيولهم، فلما طلع النهار أرسل الأمير كتبغا للقبض عليهم. وقطع أيديهم وطاف بهم القاهرة، ثم صلبهم على باب زويلة.
في سنة 739 هـ ظهرت بالقاهرة امراة تسمى الخنّاقة، اشتهر أمرها بين الناس. فكانت تحتال على الأطفال والنساء، وتخنقهم وتأخذ ما عليهم من الثياب. فلما شاع أمرها وبلغ السلطان أمرها أرسل لوالي القاهرة أمرًا بالقبض عليها. فلا زالوا يتبعونها حتى قبضوا عليها، وشنقوها على باب زويلة، وتجمع الناس للفرجة
وعلق على هذا الباب رؤوس رسل هولاكو قائد التتار حينما أتوا مهددين لشعب مصر. ولكن تظل من أكثر الرؤس التي علقت على هذا الباب شهرة رأس طومان باي آخر حكام المماليك. وذلك عندما عندما دخل العثمانيون مصر، وأسروه وعلقوا جسده على باب زويلة.
بوابة المتولي
كان يقف على هذا الباب المدعو المتولي، الموظف المسئول عن جمع الضرائب. والمكوس على البضائع التى تدخل إلى مدينة القاهرة، ومن هنا جاءت تسمية الباب ببوابة المتولي.
ورغم أن الباب كان مرتبطاً رسمياً بالضرائب إلا أن العامة نسجوا القصص حوله. وانتشر اعتقاد سائد بين سكان المنطقة بأن روح “المتولي” تسكن المصرع الشرقي لباب زويلة، وأنها تظهر فى صور متعددة.
وكانوا يلجئون إليه على مدى قرون فيطلبون منه تخليصهم من مخاوفهم ورفع الظلم عنهم. وتلبية أمنياتهم فكانوا يضعون الأسنان التي خلعوها بين الألواح الخشبية التي تكسو الباب. ويلقون بالقطع النقدية والأحجبة خلف هذه الضلفة، ويربطون الخيوط وأشرطة من القماش في المسامير. ويقولون إن المتولي له حكايات مثل الأساطير، حيث قالوا إنه كان يطير من القاهرة إلى مكة، ويعود دون أن يراه أحد.
وهكذا نسج العامة القصص حول هذا الباب ليصبح له مكانته وأسراره. وليصبح المتولي روحًا تهيمن على المكان لتلبى الدعوات، وتنصر المظلومين.