تاريخ ومزارات

حكاية سبيل «أم عباس» بالقاهرة.. من صدقة جارية إلى مثل شعبي شهير

أميرة جادو

تشتهر القاهرة الفاطمية أو قاهرة المعز، بأنها بلد الألف مئذنة بسبب كثرة عدد المساجد التي شيدت منذ العصور القديمة من خلال الفتح الإسلامي لمصر وحتى الآن.

تتمتع القاهرة أيضًا بميزة خاصة بسبب كنوزها الإسلامية القديمة، وعندما تنظر إليها أو تزورها تشعر وكأنها تحلق في السماء بسبب عبق تاريخها، فهي شاهدة على عدد لا حصر له من القصص التي نعرفها ولا نعرفها، ولكن بمجرد النظر إليها تشعرك بارتفاع الروحانيات وحالة من السعادة الغير مبرره، ومن بين تلك الأماكن القديمة سبيل أم عباس، فكثير ما نسمع مثل “آه مهو سبيل أم عباس” ولا يعرف أصل هذا المثل أو قصة السبيل.

تأسس عام 1867م بالقاهرة، على يد بنبا قادن، والدة الخديوي عباس حلمي الأول، وزوجة الأمير أحمد طوسون باشا، ويقع في وسط القاهرة عند تقاطع شارع الركبية وشارع السيوفية مع شارع الصليبة المؤدى لميدان القلعة، والذى خصص لتوزيع مياه الشرب النقية المعطرة بماء الورد والزهر على المارة طلباً للثواب واستجلاباً للدعاء.

والجدير بالإشارة، أسسته بنبا، ترحمًا مع روح نجلها «عباس»، الذي قتل إثر محاولة اغتيال في قصره في بنها، عام 1854،  كما أصرت الأميرة على بـ «أم عباس» وليس سبيل الأميرة بنبا قادن، ذكرى لابنها الراحل، ولم يتوقف وظيفة السبيل على توزيع المياه بل ألحقت به السيدة “بنبا” مدرسة تعليمية أو عينت به معلمين لتعليم الأطفال العلوم الحديثة، كما في المدارس الحكومية على عهد الخديوي إسماعيل.

تصميم السبيل

اختلط تصميم السبيل بالعمارة العثمانية والأوروبية في نفس الوقت، حيث استعانت بنبا بمهندس تركي لتصميم السبيل، حيث لم تكن النافورة المضلعة ذات الأضلاع الثماني معروفة في مصر، على عكس ما تواجد في تركيا، استخدمت بنبا الرخام الأبيض المزخرف بنقوش نباتيه من الطراز الأوربي ككساء للسبيل، كما زينته بعدد من الكتابات ذات خط نسخي، علاوة إلى كتابة الجوانب الثمانية لسورة الفتح في إطار كامل، كما يوجد عدد من النقوش بخط النسخ، أما باقي النقوش على واجهة السبيل فهي تحتوي على آيات من القرآن الكريم تتعلق بوظيفة السبيل.

ويضم السبيل مستوين، المستوى الأول تحت الأرض وتوجد فيه الصهاريج لتخزين المياه، التي تمد السبيل، وكانت تلك الصهاريج تملئ بعرفه ساقيين عن طريق نقلها في “قرب جلديه” بمياه من أعماق النيل حتى تكون خالية من الشوائب، وكانت تلك المرحلة تتم في شهر أغسطس من كل عام في موسم الفيضان حيث تكون الشوائب في أقل معدلتها.

أما المستوى الثاني، وهو عبارة عن حجره ذات ثلاث شبابيك، ويوجد في صدر هذا السبيل لوحه من الرخام يسمى “الشاذروان” له منفعة مزدوجة الأولى تبريد مياه الشرب والثانية تنقية المياه من الشوائب إن وجدت، والثاني كان يتم تنظيف هذا اللوح الرخامي في نهاية كل يوم وعقب إغلاق أبواب السبيل بعد صلاه العشاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى