ديهيا.. الملكة الأمازيغية التي حكمت شمال إفريقيا
أسماء صبحي
في الوقت الذي ولدت فيه ديهيا أو داميا، لم تكن هناك حدود في شمال إفريقيا. بل كانت هناك مجموعة من القبائل (صنهاجة وزناتة ومصمودة على سبيل المثال) يجمعها قاسم مشترك هو الأمازيغية. قبائل لم تعرف هدوءاً ولا استقراراً إلا في فترات قليلة. ولذلك امتد تحركها المستمر حتى غزو العرب إلى شمال إفريقيا، ولذلك أيضاً كانت قبائل محاربة بطبعها.
نشأة ديهيا
ليست هناك نصوص تاريخية تتحدث عن طفولة ديهيا. لكن عدداً من المختصين في التاريخ والثقافة الأمازيغية استنتجوا من النصوص التاريخية المتوفرة أن الكاهنة تلقت تكويناً خاصّاً بأبناء الزعماء والقادة. تكويناً عسكرياً وثقافياً أهلها لترث الحكم عن والدها لاحقاً.
وفي الوقت الذي كانت النساء فيه مختفيات في الخيام، مكتفيات بالإنجاب والطبخ والتنظيف. كانت الكاهنة تتلقّى تربيةً تليق بزعيمة. وفي الوقت الذي كان فيه الملوك والسلاطين يبحثون عن ذكور يورثونهم عروشهم. كان والد ديهيا الزعيم ثيبات بن تيفان قد قرر أن يورث ابنته الحكم من بعده.
كانت جذابة، قوية، متمردة وذات كاريزما، وقيل عنها إنها كانت ذات قدرات خارقة من قبيل التنبؤ والتكهن وبعد النظر، ولذلك سماها العرب “الكاهنة”. وبعد وفاة الملك أكسيل أو كسيلة كما سماه العرب، استلمت ديهيا الحكم
من بعده.
معارك الملكة الأمازيغية
كان لها شأن عظيم بين شعبها، وقدرة كبيرة على التخطيط للحروب. وتتحدث المصادر التاريخية عن معركتين كبيرتين خاضتهما هذه المرأة الأمازيغية. والاثنتان كانتا ضد الأمويين بقيادة حسّان بن النعمان.
في المعركة الأولى، جمعت ديهيا جنودها الذين كانوا عبارة عن رعاة ومحاربين ذوي تجربة قليلة في الحرب. ومع ذلك استطاعوا الانتصار على جيش حسان بن النعمان الكبير في معركة بنواحي برقة في طرابلس.
ويقول المؤرخون إن ديهيا كانت قائدة حقيقية، بحيث كانت تجمع الجيوش وتوجهها وتحمسها. وكانت لها كاريزما قوية جعلتها تحصل على أتباع أوفياء ومخلصين لها.
يعتبر “مسرح الجم” (في الصورة) في تونس المكان الوحيد الشاهد على وجود الكاهنة. إذ لجأت الملكة الأمازيغية إلى هذا البناء الروماني القديم لمقاومة الجيوش التي هجمت على ليبيا وتونس آنذاك.
وقد قامت جمعية “أوراس الكاهنة” في الجزائر ببناء تمثال لديهيا(في الصورة) عام 2003 في وسط مدينة باغاي. لتخليد ذكراها كملكة وامرأة أمازيغية محاربة وقوية.