تاريخ ومزارات

 جامع المتوكل في سامراء: أعجوبة معمارية إسلامية

في عام 232 هـ، أمر الخليفة المتوكل بتشييد جامع ضخم في مدينة سامراء بالعراق. وعلى الرغم من أنه لم يبق منه الآن سوى السور الخارجي، فإن هذا الجامع كان من أبرز المعالم المعمارية في عصره. كان يتميز برواق كبير مواجه للقبلة وأروقة أصغر في جوانب الصحن. لكن أبرز معالمه كانت المنارة الحلزونية الشهيرة باسم “الملوية”، التي ترتفع إلى 52 مترًا وتتميز بشكلها الحلزوني الفريد والمبني من الجص والآجر، مرتكزة على قاعدة مربعة الشكل.

 جامع المتوكل في سامراء

كما كان جامع المتوكل مستطيل الشكل، بأبعاد مثيرة للإعجاب: يبلغ طول ضلعه من الشمال إلى الجنوب 248.70 مترًا، ومن الشرق إلى الغرب 165.80 مترًا من الخارج. أما من الداخل، فيبلغ طوله 238.60 مترًا وعرضه 155.60 مترًا. كما يتألف الجامع من بيت للصلاة ومجنبتين ومؤخرة تحيط بصحن مستطيل الشكل، وكان في الصحن نافورة ماء دائرية مصنوعة من قطعة واحدة من حجر الغرانيت.

بيت الصلاة في الجامع يتكون من تسعة أساكيب وخمس وعشرين بلاطة متساوية في السعة، باستثناء بلاطة المحراب التي كانت أوسع بعرض 4.20 مترًا. يطل المصلى على الصحن بتسع عشرة بائكة. كما يبلغ عمق المصلى 62 مترًا. أما المجنبتين الشرقية والغربية فتتألفان من أربعة أروقة تحتوي كل منها على 23 بلاطة تطل على الصحن بثلاث وعشرين بائكة. مؤخرة الجامع تتكون من ثلاثة أساكيب بخمس وعشرين بلاطة، والبلاطة الوسطى بعرض بلاطة المحراب.

إرث جامع المتوكل

من أبرز مميزات الجامع مئذنته الملوية، وهي من أقدم وأهم مآذن العراق الأثرية. تقع المئذنة خارج الجامع على مسافة 27.20 مترًا عن الجدار الشمالي، على المحور المحاذي لمحراب الجامع. بدن المئذنة الحلزوني يرتكز على مصطبة مربعة الشكل ذات طبقتين: السفلى بطول 31.80 مترًا والعليا 30.5 مترًا، وترتفع المصطبة 4.20 مترًا عن مستوى الأرض وتزينها حنايا ذات عقود مدببة.

كما يظل جامع المتوكل في سامراء شاهدًا على عظمة العمارة الإسلامية في العصر العباسي. تصميمه الفريد وأبعاده الهائلة تعكسان الابتكار الهندسي والرؤية المعمارية المتقدمة التي كانت تميز هذا العصر. المئذنة الملوية تبقى رمزًا خالدًا للإبداع والتميز المعماري، وجزءًا من التراث الثقافي والحضاري للعراق والعالم الإسلامي. كما إن دراسة هذا المعلم التاريخي تلهم الأجيال الحالية والمستقبلية بالاعتزاز بموروثهم الثقافي والتاريخي والسعي للحفاظ عليه للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى