صيد الطيور المهاجرة في مطروح.. هواية ملوك وسبوبة.. وأكل عيش
رئيس النادي الأهلي والمشاهير يأتون للإستمتاع بالصيد
محمد بخات
هواية أو موسم صيد الطيور المهاجرة من أوروبا إلى القارة الإفريقية عبر سواحل مصر الشمالية، ربما تكون معلومة جديدة لكثير من المصريين، لكن في الحقيقة هي ظاهرة وأسلوب حياة في مطروح، ينتظرها شباب المحافظة كل عام على أحر من الجمر، ليمارسوا هوايتهم في إصطياد الطيور العابرة للقارات على سواحل البحر المتوسط وفى الصحراء وفى الجناين، كما يأتي إليها المشاهير للإستمتاع بالصيد.
يبدأ موسم صيد الطيور المهاجرة القادمة من دول أوروبا إلى إفريقيا عبر سواحل البحر المتوسط وصحراء محافظة مطروح مع نهاية شهر أغسطس من كل عام ويستمر عدة أسابيع تهاجر خلاله أنواع عديدة من أطيب وألذ أنواع الطيور ذات الأحجام والأشكال المختلفة.
يقول هاشم دعبوب، من أهالى السلوم، إن صيد الطيور يبدأ على السواحل حيث يأتى مهاجرا من دول أوروبا فى طريقه لدول إفريقيا ويمر على ساحل البحر المتوسط وجميع أهالى السلوم من عشاق الصيد بالخرطوش والصيد ببنادق الرش حسب نوع الطيور التى يتم صيدها.
ويضيف «دعبوب» لصوت القبائل إنه مع دخول موسم الصيد يخرج الشباب لمنطقة البرارى وهى عبارة عن (سبخات مياه وبحيرات بطول الساحل)، ما بين مدينتى السلوم وسيدى برانى ونبنى عشش نختبيء فيها ونجلس طوال اليوم نرصد الطيور التى تهبط على البحيرات والسبخات ونضربها بالبنادق، لافتا أن موسم الصيد ينتعش فى مطروح عامة والسلوم خاصة.
واستطرد «الآن تجد شباب السلوم وبرانى طوال النهار فى رحلات صيد للطيور فهو شىء من التراث نتوارثه أبا عن جد ونعشق جميعا الصيد فهو أجمل هواية نحبها على مر التاريخ بحكم موقعنا الجغرافى حيث نعيش بين الصحراء وساحل البحر مباشرة، فيخرج الشباب يصطادون ويقيمون عزومات على البحر ويشوون الطيور على الفحم ويستمتعون بالصيد طوال اليوم ويقضون أمتع أوقاتهم وهم يصطادون».
تركنا «دعبوب» يتحسس بندقيته ليلحق برفاقه في صيد الطيور، ليلتقط ( صقر أبو شفيلة)، ابن قبيلة العشيبات بمطروح، طرف الحديث مضيفا «نعشق صيد الطيور بجميع أنواعها كما نهوى صيد الغزال الصحراوى»، لافتا أن موسم صيد الغزال يبدأ مع شهر يونيو من كل عام وينتهى فى شهر مارس من العام الجديد، والصحراء الغربية بها غزال لكنه قل كثيرا عن السنوات الماضية، ورحلة الصيد يتم التجهيز لها بشكل جيد، حيث يتم تجهيز سيارات الدفع الرباعى (اللاند كروزر) ما بين سيارتين أو ثلاثة وتتكون مجموعة الصيادين من 4 إلى 5 أفراد، ويتم إعداد احتياجات الصيد والسلاح بما يكفى 10 أيام للرحلة وتبدأ رحلة الصيد من مدينة مرسى مطروح وتنتهى فى أسوان وتستغرق يومين حتى الوصول لأسوان وبعدها نعسكر أسبوع هناك بالقرب من الحدود السودانية حول الجبال وهناك المنطقة غنية بالغزال، حسب قوله.
ويكمل أبوشفيلة حديثة بالقول «غالبية عمليات الصيد تكون فى الأوقات المسائية ونتمكن خلالها من صيد كميات كبيرة من الغزال لكننا لا نصطاد سوى احتياجنا منه فقط من الأكل طوال الرحلة وجزء بسيط نستطيع العودة به على متن السيارات لأننا ضد الصيد الجائر ولا بد من الحفاظ على الطبيعة والثروة التى حبا الله بها مصر، ولابد أن كل صياد هاوى يصطاد على قدر حاجته فقط».
«الصيد عندنا فى مطروح كالماء والهواء لايستطيع أى شخص أن يستغنى عنه» إستهل بها فايز محمود المالكى من أهالى العلمين، حديثه عن صيد الطيور المهاجرة، مضيفا «نحن جميعا مرتبطين بالصيد لأننا نعشق الصحراء وجناين التين والزيتون التى دائما ما يكون الصيد وسطها والطيور تقف على أغصانها ونقوم بالصيد بالشباك، حيث نضع الشباك على الأشجار فتأتى الطيور لتقف كالعادة فتقع فى الشباك ونخرج يوميا فى الفجر نتابع الشباك والصيد».
عبدالله سالم، من أهالى مطروح، يقول إن المحافظة تشتهر بصيد الطيور ويبدأ الموسم مع منتصف شهر أغسطس من كل عام للطيور الصغيرة مثل (الشحيم وأبوصفير والدقنوش) وحاليا صيد الطيور مثل البط على البحر، وفى 6 سبتمبر يبدأ صيد «القمرى»، متابعا أن هناك ممر يأتى منه القمرى مهاجرا وهو بمنطقة العلمين وسيدى عبدالرحمن، حيث تعد من أشهر مناطق صيد الطيور فى ساحل البحر الأبيض المتوسط ويأتى إليه المشاهير من القاهرة لصيد القمرى وكان منهم (حسن حمدى) رئيس النادى الأهلى الأسبق ويعسكرون فى الجناين بالعلمين وتل العيس وسيدى عبدالرحمن لمدة 20 يوما ويذهب محبى الصيد لهذه المناطق حتى نهاية شهر سبتمبر وكذلك منطقة رأس الحكمة والضبعة من أشهر أماكن الصيد فى الساحل، محذرا من صيد الطيور بالأجهزة والصيد بكميات ضخمة وهو ما يدمر الثروة الطبيعية للطيور ويقضى عليها وتسبب فى السنوات الأخيرة فى قلة نسبة الطيور قائلا «كل واحد عاوز يصطاد يبقى على قد أكله» يعنى 4 أفراد لما يصطادوا 30 طير أو 40 طير كويس لكن لما يصطادوا 500 طير والطيور تعفن منهم دى تبقى إبادة للطيور ولا بد من مراجعة ذلك».
«أهالى مطروح مرتبطين جدا بالصيد فهناك أشخاص يصطادون لأنه بمثابة هواية لهم وهم الغالبية، وآخرون يعتبرون الصيد أكل عيش لكثير من أبناء المحافظة وتحديدا الذين يسكنون فى القرى والنجوع الذين يعيشون بجوار الوديان ومزارع التين والزيتون والمناطق السكنية المطلة على السواحل».. عكست هذه الكلمات الذى تحدث بها محمد العربى، أحد أبناء مطروح من الصيادين الشباب، ما يحدث على أرض الواقع فى موسم صيد الطيور المهاجرة.. مستكملا أن أسعار الطيور غالية جدا لكن عليها طلب وتعود بأرباح كبيرة تساهم فى تحسين دخل الصيادين، ومنهم من يصرفون منها على أنفسهم، وهناك أسر كاملة فى بعض المناطق، يعتبرونها مصدر رزق أساسى لهم، خاصة وأنه من قديم الأزل وحتى الآن فى العديد من القرى فى محافظة مطروح وتحديدا فى النجوع الجنوبية لا توجد محال يتسوقون منها، حتى أنهم يعتبرون الصيد وسيلة هامة من وسائل أكل اللحوم، التى يحتاجون إليها فى المجتمع الصحراوى، ويستثمرون ذلك على مدار فترة طويلة من العام الذى يستمر خلاله جميع أنواع الصيد وتكون البداية بموسم صيد الطيور المهاجرة، ثم يتناولون لحوم فى مواسم صيد أخرى متتابعة من وسيلة الصيد كصيد الغزلان وصيد الأرانب البرية، لتسد رمقهم على مدار فصول السنة المختلفة.
لفت «العربي» أن هناك أشخاصا يستخدمون الصيد فى التجارة ليكسبون منه فيجمعون من الصيادين الهواة الطيور المصطادة ويشترون منهم ويتاجرون فيها ويتداول ذلك فى الأسواق، فمثلا القمرى “اليمام المهاجر” يتراوح سعر الجوز منه 120 جنيه مع بدء الموسم، ويصل فى بعض الأوقات إلى 150 جنيه خاصة فى نهاية الموسم مع انخفاض المعروض فى السوق وزيادة الطلب عليه من المواطنين من محبى أكل الطيور من سكان المدن فهو يلبى رغباتهم وفى نفس الوقت يكون مكسب للصيادين، ويفتح بيوت أشخاص كثر، فالجميع يصطادون ويأكلون ويبيعون منها وينزلون الأسواق يبتاعون ويشترون بثمنها أغراضهم وإحتياجاتهم المنزلية من ربح بيع الطيور التى يصطادونها، وعلى الرغم من أن هناك أشخاص يصطادون الطيور لبيعها هناك أشخاص يقبلون على شرائها لأنهم يعرفون قيمتها الغذائية ويعد ذلك من أسباب الإقبال على أكلها وشراءها، فمثلا «طيور البحر» بها فوائد كثيرة يمكن أن تتجاوز القيمة الغذائية للحوم الحمراء مثل البط الشرشير والأوز والنغاق والذى به كمية كبيرة من الفسفور لأنه يتغذى على الأسماك والكائنات التى تعيش فى البحر طوال رحلة هجرته ذهابا وإيابا، بالإضافه إلى مذاقه الحلو، والرحلات الخلوية وهى ما يطلق عليها فى مطروح بـ«الزرده» والتى ترتبط بصيد هذه الطيور وبأكلها وطهيها بالطرق الصحراوية، التى يعشقها أبناء مطروح وصحراء مصر الغربية.