حوارات و تقارير

عبد الله زهدي أفندي.. كاتب الحرمين وخطاط مصر

أسماء صبحي
 
هو عبد الله زهدي (أفندي) بن عبد القادر أفندي النابلسي، ولد بمدينة نابلس في فلسطين فى عام 1836، ثم رحلت عائلته وهو صغير من بلده واستقرت في استانبول عاصمة الدولة العثمانية.
 
وبدأ ميله وحبه للفنون في سن مبكرة بتشجيع من والده عبد القادر أفندي وتتلمذ على يد كبار الخطاطين في هذا العصر مثل راشد أفندي، ومصطفى عزت أفندي الذي يعتبر أستاذه الحقيقي الذي اقتدى بطريقته في خطوط الثلث والنسخ.
 

بداية شهرته

وبعـد أن أتقن هذا الفن عـين مـدرساً للرسـم والخط في مدرسة (جامع نور العثمانية، وفي مدرسة (المهندسخانه البرية الملكية)، وكانت لديه ملكة خاصة في تقليد الخطوط ولعل ما ساعده في ذلك تمكنه من فن الرسم، وبدأت شهرته عندما أراد السلطان العثماني عبد المجيد إعادة تعمير المسجد النبوي الشريف وتوسيعه بعد انهيار إحدى القباب فيه فطلب السلطان من كبار الخطاطين تقديم اعمالهم ليختار منها بنفسه.
 
وسارع أحد أصدقاء عبد الله الزهدي المقربين منه بأخذ أحد لوحاته دون علمه نظراً لرفضه الشديد لصغر سنه بالنسبة للخطاطين المعاصرين له في ذلك الحين من ناحية، وتقديراً لهم لمكانتهم الكبيرة في فن الخط العربي من ناحية أخرى.
 

كاتب الحرمين

وأعجب السلطان عبد المجيد بلوحة عبد الله الزهدي بخط الثلث الجلي فأرسله إلى الحرم النبوي الشريف ليكتب فيه بخطوطه الجميلة مرسلًا معه 25 منشداً لكي ينشدوا له المدائح النبوية حتى يهيئوه من الناحية النفسية ليُبدع فى عمله غاية الإبداع، فيما يكتبه كما أرسل معه بعضًا من الخطاطين لمساعدته في تنفيذ خطوطه وليس في كتابتها.
 
وتراوحت المدة التي استغرقها زهدى افندى في كتابه خطوط الحرم النبوي ما بين سبعة لثلاثة عشر عاما كتب فيها كمًا كبيرًا من الخطوط على حوائطه، وحول محرابه، وفي داخل قبابه للآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وأسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأسماء الصحابة الكرام، وأبيات الشعر من قصيدة البردة على الأعمدة التي تعدت في طولها الألفي متر.
 
وأثناء العمل توفي السلطان عبد المجيد وجاء الأمر إلى عبد الله بالتوقف ومن معه عن العمل في المسجد النبوي، متعرضًا للكثير من المضايقات لكثره حساده حيث وصل الامر إلى أن قطعوا عنه معاشه الذي كان قد قرره له السلطان عبد المجيد طوال حياته، فما كان منه إلى أن قام بجمع التبرعات لاستكمال ما بدأ فى عمله.
 

انتقاله إلى مصر

ورحل الزهدى إلى مصر واستقر فيها في عهد الخديوي إسماعيل الذي أمر بتعيينه في المدرسة الخديوية للخط ليقوم بتدريس فن الخط العربي فيها، فقام بهذه المهمة خير قيام وتخرج على يديه الكثير من الخطاطين في مصر.
 
كما كلفته الحكومة بكتابة كسوة الكعبة الشريفة، والتي كانت تجهز في مصر في ذلك الوقت وتُرسل إلى مكة فأبدع فيها الزهدي أيما إبداع، كما عهد إليه إسماعيل باشا كتابة خطوط سبيل أم عباس ومسجد الرفاعي بالقاهرة ولا تزال هذه الشواهد للان.
 

خطاط مصر

كما كتب الخطوط للدوائر الرسمية كأوراق البنكنوت وغيرها، حيث كان عبد الله الزهدي يتميز بدقته في الكتابات الصغيرة، إضافة لكتابته للعديد من اللوحات للمساجد والجوامع والمرقعات والأوراد وغيرها.
 
لقد أمضى عبد الله الزهدي بقية عمره في مصر وهو يكتب ويُبدع إلى أن توفاه الله في 1879 م ، ودفن إلى جوار الإمام الشافعي فانطفأ نجم سطعٍ في سماء فن الخط العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى