عمر مكرم يثور على خورشيد باشا.. هل تشابهت أسبابها مع ثورة القاهرة الأولى؟
أميرة جادو
تحل اليوم ذكرى بدء “الثورة الشعبية” التي أقامها المصريون بقيادة الزعيم عمر مكرم، ضد “خورشيد باشا”، والتي وقعت في مثل هذا اليوم 13 مايو عام 1805، ونجحت هذه الثورة في إقصاء الوالي العثماني عن الحكم وأصبح “محمد علي باشا” خليفًا له ليكون واليًا على مصر.
أسباب الثورة ضد خورشيد باشا
ووفقًا لما ذكر في كتاب “المنارة في التاريخ: عن تاريخ مصر والعرب الحديث والمعاصر” لـ محمود الضبع: ” نستنتج من ذلك أن الشعب المصري خرج في ثورة ضد خورشيد باشا في مايو 1805 م لأسباب (اجتماعية وهي قيام فرق الدلاة العسكرية بسلب ونهب منازل ومحلات المصريين وبذلك وقع ظلم على المجتمع المصري + أسباب اقتصادية بسبب قيام خورشيد بفرض ضرائب على المصريين وهذا دليل على إتباعه سياسة المماليك الاقتصادية وهي فرض الضرائب وهو نفس السبب الذي أدى لخروج الشعب ضد المماليك في ثورة مارس 1804م.
علاوة على سياسية لرفضهم نظام حُكم خورشيد ورغبتهم في تولي محمد علي الحُكم بدلا منه، وبذلك نستنتج أن أسباب ثورة مايو 1805م تتشابه مع أسباب ثورة القاهرة الأولى أكتوبر 1798م في فرض الضرائب على المصربين وتفتيش بيوت ودكاكين المصريين، فاجتمع زعماء الشعب (الزعامة الشعبية) من العلماء (شيوخ الأزهر) ونقباء الطوائف (مثل نقيب الأشرف عمر مكرم وهو زعيم الشعب في ذلك الوقت وغيره من نقباء الطوائف الصناعية أي الرؤساء) في دار المحكمة وهي دار القضاء يوم 13 مايو 1805م وقرروا عزل خورشيد وتعيين محمد علي بدلًا منه.
فذهبوا جميعًا إلى دار محمد علي لإبلاغه بقرارهم فقالوا له: (إننا لا نريد هذا الباشا خورشيد واليًا علينا ولا بْدّ من عزله من الولاية)، فقال لهم محمد علي: (ومن تريدونه واليًا؟)، فرد الجميع بصوت واحد (لا نرضى إلا بك وتكون واليًا بشروطنا لما نتوسّمه فيك من العدل والخير)”.
خورشيد باشا يرفض قرار عزله
وأردف “الكاتب” في كتابه: “أن هذا يعد أول صك (قرار) يصدر من الشعب المصري وأول قرار يصدر من العرب في التاريخ الحديث؛ ثم ذهبوا إلى خورشيد لإبلاغه بقرارهم فردّ عليهم : (إني مولَّي من طرف السلطان، فلا أعزل بأمر من الفلاحين ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة)، وهذا يدل على أن خورشيد رفض قرار عزله من الزعامة الشعبية بسبب تمسكه بالشرعية (القانونية) لأن حكمه حكمًا قانونياً شرعيًا بأمر السلطان.
ثورة الفلاحين
فخرج الشعب بثورة ضد خورشيد تزعّمها عمر مكرم؛ وكادت أن تحدث اشتباكات ودماء حتى جاء رسول السلطان العثماني بفرمان في 9 يوليو 1805م بعزل خورشيد باشا وتعيين محمد علي واليا على مصر وهذا يعني خضوع السلطان العثماني للإرادة الشعبية للمرة الثالثة ورغبة السلطان في خلق حالة من الاستقرار السياسي داخل مصر.
وهنا نستنتج أن تعيين الزعامة الشعبية لمحمد علي وعزلها لخورشيد يمثل قاعدة دستورية (قانونية) هامة حيث أن زعماء الشعب وضعوا شروطهم (قوانينهم) على محمد علي وهي ألا يقوم بأي أمر إلا بمشورتهم وإذا خالف ذلك عزلوه فالمشورة هي جزء من الدستور لان الدستور هو مجموعة القوانين العامة للدولة التي من ضمن قوانينها مبدأ الشورى أي الإستشارة قيل إتخاذ القرار.
تعيين محمد علي هو أول صك
وهذا يعني أن تعيين محمد علي يعد أول صك (قرار) في مصر والوطن العربي وذلك بسبب شروط الولاية، أما تعيين السلطان العثماني لمحمد علي وعزله لخورشيد يمثل خضوع السلطان للقاعدة الجماهيرية أي الإرادة الشعبية وهي الشعب المصري وزعمائه، كما يدل تزعٌم عمر مكرم للثورة لصالح محمد علي أن عمر مكرم كان محبوبًا من جميع أفراد الشعب المصري وأنه كان غير طامعًا في الحُكم، فلو كان طامعاً لكان إختار الولاية لنفسه بدلاً من إعطائها لمحمد على”.