إبراهيم علوش يكتب:ما هو الصبر الاستراتيجي؟ وهل خرجت إيران من عباءته فعلاً؟
إبراهيم علوش يكتب:ما هو الصبر الاستراتيجي؟ وهل خرجت إيران من عباءته فعلاً؟
هو مفهوم مستقى من العلم العسكري أساساً، ويعرف هناك باسم “الاستراتيجية الفابية”، نسبةً إلى الجنرال الروماني فابيوس ماكسيموس، والذي كلفته روما قيادة العمل العسكري ضد حنا بعل، المعروف غربياً باسم “هنيبعل”، العربي الكنعاني الذي اجتاح إيطاليا عبر جبال الألب محققاً انتصارين كاسحين وسريعين على جيوش الرومان في “تريبيا” و”تراسيميني” عامي 218 و217 قبل الميلاد.
نصبت “الجمهورية الرومانية” فابيوس ماكسيموس ديكتاتوراً، ووضعت كل مقاليد البلاد بين يديه، على أن يقضي على قوات حنا بعل المتغلغلة في البر الإيطالي، فقرر فابيوس أن ميزان القوى لا يسمح بمواجهات مباشرة كبيرة وحاسمة مع حنا بعل، وأن الأفضل حرمانه من استخدام تفوقه العسكري لتحقيق الانتصارات، مع استنزافه عبر الآتي:
أ – اتباع سياسة الأرض المحروقة لحرمان جيوش حنا بعل من الإمدادات ومهاجمة خطوط إمداده الطويلة من الخلف.
ب – شن حرب عصابات طويلة الأمد تشتت جيش حنا بعل وتستنزفه في سلسلة من الكمائن والإغارات والمعارك الصغيرة.
جـ – تحصين العاصمة روما بما يجعل تكلفة الاستيلاء عليها من طرف حنا بعل باهظة إلى درجة تجعله يخسر معظم جيشه لو حاول ذلك، أي تجعله يخسر الحرب.
د – إدارة معركة سياسية لمنع المدن الإيطالية أو الموالية للرومان من نقل ولائها إلى قرطاجة، الأمر الذي يتطلب، فيما يتطلبه، حرمان حنا بعل من تحقيق الانتصارات الكبيرة.
يعد حنا بعل من أهم العقول في التاريخ عسكرياً، وكان أذكى من أن يضرب حصاراً مطولاً على روما في أرضٍ غريبة معادية بعيداً عن إمداداته، وبقوات تجمعت من عدة أمم لها سجل في مقارعة الهيمنة الرومانية، جلها من عرب شمال إفريقيا، بينهم فرقة من النوبيين الأمازيغ، ومن الإسبان والقوط، وغيرهما من الأمم.
كانت الاستراتيجية الفابية تنجح في جعل جيوش حنا بعل تتآكل، عندما نفذ صبر الرومان منها، فقاموا وعزلوا فابيوس ماكسيموس، وعينوا رؤوساً أكثر حماوةً على رأس جيشٍ جرارٍ من 87 ألفاً جردوه لدحر حنا بعل، فخاض الجنرال الروماني “فارو” بهم معركة “كاناي” الشهيرة، جنوبي شرقي إيطاليا، في 2/8/216 قبل الميلاد (انتبهوا أن التواريخ تتنازل، بدلاً من أن تتصاعد، قبل الميلاد، وصولاً إلى صفر).
كانت نتيجة معركة “كاناي” مذبحة كبرى للجيوش الرومانية والحليفة لها، إذ قدر بعض المؤرخين الرومان أن نحو 50 ألفاً منهم ذبحوا، ونحو 20 ألفاً أسروا، في حين هرب الباقون.
كان الدرس غالي الثمن. ومنذ ذلك الوقت، نُقشت الاستراتيجية الفابية في عقل الرومان عسكرياً وسياسياً بالدم، وأصبحت مرجعاً لكل الأمم عبر العصور.
معنى “الصبر الاستراتيجي”
تستند الاستراتيجية الفابية، ذهنياً، إلى منطق “الصبر الاستراتيجي”، أي الصبر على العدو الصائل في البلاد، من دون خوض مواجهات كبرى مباشرة معه. لكنْ، حتى لا يأخذنا المطبعون والرسميون العرب بعيداً، تحت غطاء الصبر الاستراتيجي، إلى التفريط المبدئي و”التنازل الاستراتيجي”، تأملوا ما يلي: بعد معركة كاناي، عرض حنا بعل المحنك والخبير على الرومان صلحاً بشروطٍ مخففةٍ لا تشعرهم بالمهانة والتحقير، فرفضوا مجرد التعامل مع العرض، وتبنوا، عوضاً عن ذلك، قراراً بفرض التجنيد الإجباري على كل ذكر قادر على حمل السلاح، ومن ضمنهم السجناء الجنائيون والعبيد.
لا يعني “الصبر الاستراتيجي” إذاً التفريط سياسياً ومبدئياً، بل يعني، على العكس تماماً، التماسك سياسياً، بمقدار ما يجري تجنب المواجهات العسكرية الكبرى. كما أنه يعني:
أ – خلق بيئة معادية للعدو الصائل، لا تتيح له الاستمرار، ويتضمن ذلك حرمانه من الإمدادات ومناهضة التطبيع معه حرفياً.
ب – المراهنة على عنصر الزمن، لأن العدو في أرضٍ غريبة عليه، مع مراكمة عناصر القوة، والإنجازات والانتصارات الصغيرة، حتى يتغير ميزان القوى ضده.
جـ – مشاغلة العدو عسكرياً وسياسياً وإعلامياً لاستنزافه، في حين يجري حرمانه من مراكمة عناصر القوة، الأمر الذي يؤدي إلى تآكل قوته.
لا يعني “الصبر الاستراتيجي” عدم القيام بشيء إذاً، بل يعني القيام بكل شيء، ما عدا خوض معارك كبرى حاسمة. وفي النهاية، انهزم حنا بعل من إيطاليا من دون أن يخسر معركة كبيرة واحدة، لا بل بعدما انتصر فيها جميعاً. على الرغم من ذلك، خسر الحرب، نتيجة تبني الرومان سياسة الصبر الاستراتيجي، والتي أتاحت لهم لاحقاً أن ينقلوا المعركة إلى قرطاجة في تونس الحالية ويمسحوها من الوجود.
ملاحظة “غير عاطفية” على الهامش
حفر حنا بعل وانتصاراته المدوية عميقاً في الوعي الغربي، وما برحت عبارة “هنيبعل على الأبواب” Hannibal at the gates! شائعةً في العالم الغربي لإثارة الخوف والرعب، وخصوصاً للأطفال.
ومن البديهي أن المشاعر الشخصية، من حب وكراهية وإعجاب واحتقار، أو حتى المشاعر السياسية، من تأييد أو معارضة، لا علاقة لها بتقييم الموقف الاستراتيجي هنا، إذ إن حنا بعل يعد من أعظم القادة العسكريين في تاريخ العرب والعالم، وكان يمثل، في غزوته لإيطاليا، ثورةً أمميةً ضد الإمبراطورية الرومانية التي قامت على العبودية وسحق الشعوب. لكنّ ذلك لا يغير من كون الاستراتيجية الفابية استراتيجية ناجحة في مواجهة العدو الصائل المتفوق بالمقاييس العسكرية التقليدية.
أضيف، لعناية الإخوة الإسلاميين، وكل من يهملون تاريخ الوطن العربي قبل الإسلام باعتباره “جاهلية”، أننا لا نستطيع فهم الصراع بين الشرق والغرب حول ضفتي البحر المتوسط، والدولة العربية الإسلامية في الأندلس، أو جنوبي إيطاليا، إلا بالعودة إلى حنا بعل وقرطاج، وما عدا ذلك فإنه سيبدو غزواً واحتلالاً غاشمين فرضناهما على أقوامٍ أخرى من دون أي مبرر أو خلفية سوى الجشع والرغبة بالتوسع.
الاستراتيجية الفابية سياسياً تساوي مفهوم “الصبر الاستراتيجي”
ليس الإيرانيون غرباء عن اتباع الاستراتيجية الفابية منذ أقدم العصور، فعندما غزا الإمبراطور الروماني جوليان الفرس الساسانيين عام 363 بعد الميلاد، اتبع الملك شابور الثاني Shappur II سياسة الصبر الاستراتيجي مع العدو الصائل، محصناً العاصمة، ومتبعاً سياسة الأرض المحروقة، وحارماً الجيش الروماني من الإمدادات، ومستنزفاً ذلك الجيش في سلسلة من المعارك الجانبية الصغيرة قُتِل الإمبراطور جوليان في إحداها في المحصلة.
كان ثمن ذلك الصبر هو احتمال تدمير الرومان لكثيرٍ من الحصون والقلاع الفارسية وهم يصولون في المملكة الساسانية، من دون أن يدفع ذلك الفرس للانفعال وخوض معركة كبيرة حاسمة غير محسوبة، فانتهى الجيش الروماني وحلفاؤه إلى الانسحاب، وأبرموا اتفاقية مع الفرس الساسانيين أضافت كثيراً من الأراضي إلى مملكتهم.
مرةً أخرى، لا علاقة للمشاعر الشخصية أو السياسية بالموضوع هنا، فالملك شابور الثاني يعرف عند العرب باسم “سابور ذو الأكتاف”، لأنه بدأ أولى حملاته العسكرية بالتنكيل بالعرب، شرقي الجزيرة العربية وفي العراق وسورية، لكنّ ذلك ملف لا مصلحة لنا بفتحه عندما يكون العنوان مواجهة الهيمنة الرومانية في المنطقة. وليست العبرة في أن ننكر التاريخ أو نتناساه، بل في أن نتعلم منه دروساً، ومصلحتنا العليا جميعاً الآن تكمن في مواجهة الطرف الأمريكي-الصهيوني وأدواته، ولا سيما أن الإسلام قاسم مشترك آخر.
المهم أن شابور الثاني اتبع الاستراتيجية الفابية في مواجهة قوات الإمبراطور جوليان بنجاح. ونلاحظ هنا أن اتباع سياسة الصبر الاستراتيجي جرى من طرف دول كبرى، لا من طرف حركات مقاومة أو تحرر، وأن عنصر المراهنة على الزمن، ومراكمة الإنجازات والانتصارات، واستنزاف العدو الصائل في بيئة معادية له، وجعلها أكثر فأكثر عداءً، والحفاظ على التماسك السياسي والمبدئي في مواجهته، أي الصمود، حرفياً، ما برحت العناصر الأساسية لمفهوم الصبر الاستراتيجي منذ آلاف السنين.
اتبع الروس تلك الاستراتيجية بنجاح في مواجهة جيش نابليون الغازي بداية القرن التاسع عشر للميلاد. كما اتُبِعت بشقيها السياسي والعسكري في كثيرٍ من الصراعات عبر التاريخ، ومنها صراع إيران ومحور المقاومة اليوم مع الاحتلال الصهيوني والهيمنة الأمريكية.
على الهامش أيضاً، ولعناية اليساريين فقط، جرى استخدام تعبير “الاشتراكية الفابية” في الأدبيات اليسارية نسبةً إلى الجنرال فابيوس ماكسيموس ذاته، والمقصود بها طبعاً تحقيق الاشتراكية “بالتدريج”، الأمر الذي دانه شيوعيو الأممية الثالثة باعتباره تحريفاً أيديولوجياً لإحلال مقولة الإصلاح محل مقولة الثورة. ولعل سبب ذلك الانحراف هنا هو أن تطبيق الفابية بنجاح يقع ضمن حيز قوة مركزية، دولة مركزية مثلاً، لا حزب معارض كحزب العمال البريطاني، ولو تحدثت دولة عن تطبيق الاشتراكية بالتدريج لاختلف الميزان طبعاً.
هل خرجت إيران من مرحلة الصبر الاستراتيجي إلى مرحلة المواجهة المباشرة حقاً؟
في السياق، نستطيع فهم أبعاد كثيرٍ من معالم الاستراتيجية الإيرانية إقليمياً، من دعم المقاومات إلى السعي لتوحيد القوى، من كل الألوان السياسية والعقائدية، حتى تلك التي تختلف عن لون الحكم في إيران، في محورٍ لمواجهة العدو الصهيوني والهيمنة الأمريكية. ولا يشذ عن ذلك السعي لتحييد العداوات مع أنظمة المنطقة، حتى بعض تلك المرتبطة بمعاهدات تطبيعية والتابعة للمنظومة الأمريكية.
العبرة هنا في توسعة معسكر الأصدقاء أو المحايدين على الأقل وتضييق معسكر الأعداء من أجل التركيز على رأس الأفعى. ويشكل الحفاظ على تماسك جبهة الحلفاء وخلخلة تماسك جبهة حلفاء الطرف الأمريكي-الصهيوني عنصراً أساسياً من عناصر نهج الصبر الاستراتيجي منذ حنا بعل سياسياً وعسكرياً.
لكنْ، في بيئة النظام الدولي والإقليمي الحالية، والمستندة إلى معاهدات وستفاليا لعام 1648، والتي كرست سيادة الدول على أراضيها حصرياً، يفتح الالتزام بمبدأ الصبر الاستراتيجي من طرف الدول ذات السيادة الباب أمام قوى الهيمنة الخارجية كي تنتهك سيادة الدول المستقلة على مزاجها إذا تأكدت أن الأخيرة ملتزمة بمبدأ الصبر الاستراتيجي، وهي الانتهاكات التي ستتسع لا محالة إن لم تجد رداً عليها.
يضع تبني نهج الصبر الاستراتيجي، وخصوصاً في زماننا، مسألة السيادة وتثبيتها على المحك، ويكشفها استراتيجياً من ناحية إضعاف قدرتها على ردع منتهكي سيادتها، الأمر الذي يمس بصورتها سياسياً ويهدد كل ما يوجد داخلها أمنياً.
يظهر ذلك في إبلاغ الأمريكيين مسبقاً بقصف قاعدة عين الأسد غربي العراق في 8/1/2020، كما يظهر في إبلاغ عددٍ من الدول العربية وتركيا بالضربة الإيرانية واسعة النطاق على الكيان الصهيوني ليلة 13/14 نيسان / أبريل الفائتة.
وتظهِر التقارير الغربية أن تلك الدول ذهبت مباشرة إلى الأمريكيين وأبلغتهم بالضربة، ومن الطبيعي أن الإيرانيين كانوا يعرفون أن ذلك سيحدث. لكن إيران فضلت أن تحذرها كي لا تقع حادثة جوية مؤسفة تنسب إليها يقضي فيها أبرياء، ولكي تؤكد احترامها لسيادة تلك الدول.
لكنها حذرت، في الحالتين، لأنها لا تريد في الظرف الراهن الإنزلاق إلى حرب مباشرة كبيرة أيضاً مع الطرف الأمريكي-الصهيوني وحلفائه، والذي ما برحت موازين القوى التقليدية تميل إلى جانبه حالياً، وإن كان ذلك يتغير يوماً بعد يوم.
من السابق لآوانه إذاً الحديث عن خروج إيران من مرحلة الصبر الاستراتيجي إلى مرحلة المواجهة المفتوحة الكبيرة الحاسمة. وإن مثل ذلك الحديث سوف يشعِر مكونات محور المقاومة وأنصاره أنهم مغطون إيرانياً إذا خاضوا مواجهة مفتوحة مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، فإذا لم تهرع إيران لمساندتهم في الميدان بكل ما لديها، فإن ذلك سوف يسبب كثيراً من اللغط والتشويش والإرباك في محور المقاومة.
ما حدث هو أن إيران أوصلت رسالة أنها قادرة على تجاوز منظومات الدفاع الجوي والصاروخي الصهيونية لو اضطرت اضطراراً إلى دخول حرب مباشرة، حتى لو اكتفت بإطلاق بعض ما لديها من صواريخ ومسيرات قديمة كانت كافية لغمر الدفاعات الصهيونية. وقد أثبتت تجربة الضربة الإيرانية أن إسقاط هذا الكم من الصواريخ والمسيرات الإيرانية احتاج إلى تدخل أمريكي وبريطاني وفرنسي ورسمي عربي للدفاع عن الكيان الصهيوني الذي لم يكن ليستطيع إسقاط ما أسقط منها من دون مثل ذلك التدخل.
كان نتنياهو يريد جر إيران إلى معركة كبيرة حاسمة مع الولايات المتحدة، ويريد أن يفجر حرباً إقليمياً موازية للعدوان الصهيوني على غزة، ليغطي على ذلك العدوان، وليحشد القوى الغربية والرسمية العربية خلف معركته في غزة تحت عنوان “الحرب على إيران”، وهو ما سعت إيران إلى تجنب الإنزلاق إليه، مع تثبيت مبدأ الردع في آنٍ واحد.
لعل إيران قدرت أن ظرف إدارة بايدن وحلفاء نتنياهو “العرب” داخلياً لم يكن يسمح لهما بتفجير حربٍ إقليمية إن هي ردت على ضرب قنصليتها رداً يجرح بعمق ولا يسيل الدماء بغزارة. والمؤكد أن أولئك الحلفاء مارسوا ضغوطاً حقيقية على نتنياهو كي لا يرد بضربة كبيرة على إيران، وكي لا يحرج “الائتلاف” الذي تصدى للضربة الإيرانية أكثر مما أُحرج بدفاعه عن الكيان الصهيوني، وكي لا يخسر نتنياهو “التعاطف الدولي” الذي اكتسبه بعد تلك الضربة، بعدما بدد كثيراً منه خلال العدوان الصهيوني الطويل والمتعثر على غزة.
هكذا رجحت الأصوات الصهيونية الداعية إلى عدم فتح حربين كبيرتين في آنٍ واحد، وإلى ممارسة الكيان الصهيوني “الصبر الاستراتيجي” في مواجهة إيران، كما دعا أيهود باراك وأيهود أولمرت، واضطر الكيان الصهيوني إلى امتصاص الضربة التي مست “سيادته” من طرف دولة في المنطقة، لا من طرف حركة تحرر أو مقاومة. وهذا جديد ومهم، لكن هل يعبر عن قواعد اشتباك جديدة، وعن أن إيران خرجت من مرحلة الصبر الاستراتيجي، الذي ينضوي في سياق الدفاع الاستراتيجي عملياً، إلى الهجوم الاستراتيجي؟
إن ما حدث يمثل تغيراً في قواعد الاشتباك، نعم، الأمر الذي يعبر بدوره عن تحولات في ميزان القوى استغرقت عقوداً من التضحيات والدماء والعمل الدؤوب كي تتحقق، لكنه لا يعني أن مرحلة الهجوم العام المضاد قد أزفت، كما يصور بعض المتحمسين خطأً، بل يعني أن إيران قامت بخطوة باتجاه تثبيت نوع من التوازن الاستراتيجي يردع الكيان الصهيوني وغيره عن الاعتداء على سيادتها، من دون الدخول في حالة هجوم استراتيجي عام.
لكنّ الطرف الأمريكي-الصهيوني لن يسلم بذلك بسهولة، وملف الضربة الإيرانية على الكيان الصهيوني لم يغلق بعد بالنسبة إليه. لذلك، لا بد من أن يحاول تجويف ذلك التطور بضربات تهز صورة إيران قريباً أو بعيداً.
مرة أخرى، المسألة لا تتعلق بالمشاعر الشخصية، بل بتقييم الموقف موضوعياً.
وفي رأيي المتواضع، إيران شنت ضربتها بطريقة تتيح لها فترة أطول وأكثر أماناً من مراكمة عناصر القوة والإنجازات والانتصارات الصغيرة، لأن مواجهة “ائتلاف” أمريكي-صهيوني-رسمي عربي بنجاح لم تنضج شروطه تماماً بعد، أي أنها ما برحت، في الإطار العام، في مرحلة الدفاع الاستراتيجي التي حاولت نقلها، بخطوتها الأخيرة، إلى مرحلة توازن استراتيجي.