كتابنا

 د. حسن أحمد حسن يكتب: آن للبعث أن يحلق بجناحي الإرادة والوفاء.

 د. حسن أحمد حسن يكتب: آن للبعث أن يحلق بجناحي الإرادة والوفاء.
تابعت وغيري من ملايين السوريين حديث السيد الرئيس بشار الأسد في الاجتماع الموسع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وأجزم أن واحةً من الأمل الموضوعي القابل للتبلور اتضحت معالمها أمام كل حريص على غد أفضل للوطن الغالي سورية الحبيبة، وأستطيع القول بقدر كبير من اليقين: إن الاهتمام بكلمة السيد الرئيس كان حديث الساحتين الإقليمية والدولية، بمن في ذلك أعداء الله والإنسانية وسورية الذين يستندون لأسباب ذاتية فرضت اهتمامهم وإنصاتهم إلى كل كلمة قالها سيادته، بهدف العثور على أي مؤشر يدل على تعب أو وهن أو تفكير بإمكانية إجراء انزياح ولو طفيف بالمواقف السورية المشرفة المعلنة، ولاشك أن أولئك بعد سماع كلمة السيد الرئيس الغنية والعميقة والشاملة وبشفافية تامة قد راكموا إخفاقاً جديداً إلى بيدر خيباتهم المتكدسة على امتداد سنوات المواجهة، فلا إرهابهم وحصارهم ووحشيتهم أخافت السوريين، ولا الارتفاع الباهظ لتكلفة الصمود وفاتورة التمسك بالكرامة حرفت البوصلة السورية قيد أنملة عن الثوابت والمبادئ لدولة تحتل واسطة عقد المنطقة، ولا يمكن تحقيق أهداف الحروب العقائدية كالنازية الجديدة والليبرالية الحديثة والتطرف الديني ومن يدور في فلكها الآسن في هذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم إلا بتغيير تموضع سورية، ولايستبعد أن يكون بعض أولئك مَنَّ النفس باحتمال سماع نبرة جديدة، أو مقاربة مختلفة كانوا يأملون سماعها بعد كل ما تعرضت له الدولة السورية وواجهته على امتداد سنوات الحرب القذرة المفروضة، فإذ بهم أمام طوفان جديد من الإرادة واليقين بالقدرة على إلحاق الهزيمة بمشروع أنصار التشظية والتفتيت، وإذا بهم أما بصيرة متقدة ورؤية استشرافية ثاقبة، وإدراك بكل تفاصيل اللوحة المتشكلة أو القابلة للتشكل بتحدياتها وتهديداتها وفرصها، والمعطيات تشير إلى أن كل التفاصيل جاءت واضحة في حديث القائد الأسد المصمم على إيصال سفينة الوطن إلى شاطئ الأمن والأمان والسلامة والتطور والاستقرار، ولن يكون الغد القادم إلا بهوية سورية بعثية مقاومة تلملم ما تبقى من أوجاع فصول الحرب، وترسم معالم الدرب إلى المستقبل المنشود بإرادة ويقين.
من المهم التوقف بكثير من الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية عند كل ما تحدث به السيد الرئيس، وضرورة شرح معانيه ودلالاته، وإيصالها بوضوح وشفافية لجميع أبناء الوطن، وهذا يتطلب إفراد دراسات تحليلية مستقلة آمل أن تتبلور في أولويات عمل القيادة المركزية الجديدة التي ينتظر غالبية أبناء الوطن منها تعاملاً جديداً ومقاربة غير تقليدية، ولاسيما أنَّ السيد الرئيس قد شقَّ لهم الطريق وعبَّدها أيضاً، وعيّن أماكن وضع الشاخصات واللوحات اللازمة لتحديد الأولويات، وبكلام آخر يمكن القول: إن ما ورد في حديث السيد الرئيس كافٍ ليكون دليل عمل يتضمن الرؤية العامة، والأهداف الرئيسة، والمطلوب لا يتعدى استخراج الخطط العامة والبرامج التنفيذية الكفيلة بالانتقال من التأصيل الفكري الذي رسخه حديث القائد الأسد، وتحويل الأفكار الغنية التي شرحها وبينها إلى مرتسمات يراها السوريون واقعاً قائماً بدلاً من الاستمرار في الإطار النظري القابل للتطبيق.
الإرادة السورية الحصيفة والحصينة تجلت بأروع ما تكون في حديث السيد الرئيس، وخاصة عن ثوابت سياسة الدولة تجاه الوضع القائم والمتوقع، فمن يتوهم أن دور الإيديولوجيا قد تراجع كما سوَّق الكثيرون عليه أن يعيد حساباته، فالأحزاب العقائدية الإيديولوجية هي اليوم أكثر أهمية بكثير عما كانت عليه في السابق، و (نحن نعيش أعلى مرحلة أيديولوجية على مستوى العالم، لأن التطرف هو عقيدة، والليبرالية الحديثة هي عقيدة، والخنوع الذي يدعو إليه الغرب تحت عناوين مختلفة هو عقيدة، فإذاً دور الأحزاب العقائدية وفي مقدمتها حزب البعث في سورية تحديداً هو اليوم أكثر أهمية مما سبق خلال كل المراحل التي مرت فيها سورية)، وإذا كان هناك من طاب له في المرحلة القريبة المنصرمة تسويق رغباته وأمنياته على أنها واقع، وراح الأتباع والأزلام المنبهرون بالغرب المنافق يتقاسمون الأدوار، ويروجون لعبثية الوقوف في وجه المشروع الصهيو ــــ أمريكي، ووصل الأمر ببعضهم إلى الحديث عن منفعة المسايرة، وتعويد الأذن على مصطلحات التطبيع أو “الواقعية السياسية” المشوهة تحت عنوان “الضرورات تبيح المحظورات”، في حين تنطح بعضهم  الآخر للحديث عن إمكانية إجراء تعديلات على الثوابت والمبادئ التي ميزت السياسة السورية، و عناوين أخرى عديدة تم حقن أوردة حامليها بمنشطات حيوية، لكن سرعان ما اندفع المواطن السوري العادي بعد سماع كلام السيد الرئيس إلى إصدار الحكم ورفع الكرت الأحمر في وجه أولئك جميعا، فموقفنا الوطني من الكيان المجرم، ثابت منذ نشوء القضية الفلسطينية ولم يهتز للحظة أو ظرف، ومن كان يظن أن سورية الأسد قد يأتي يوم وتقبل بتقديم بعض التنازلات، فعليه أن يعيد حساباته،وهذا ماأشار إليه السيد الرئيس بقوله: (…المجازر ليست بطارئة على سلوك الكيان الصهيوني، سواء ارتفعت، ازدادت، انخفضت، لا يهم، والانحياز الغربي الأعمى للصهيونية من قبل الدول الغربية ليس بجديد، وطالما الوضع لم يتغير والحقوق لم تعد، لا للفلسطينيين ولا للسوريين، فلا شيء يبدل موقفنا، أو يزيحه مقدار شعرة، وكل ما يمكن لنا أن نقدمه ضمن إمكانياتنا للفلسطينيين أو أي مقاوم ضد الكيان الصهيوني سنقوم به دون أي تردد).
الأمر ذاته يمكن أن ينسحب على موقف الدولة السورية من المقاومة، حيث شدد الرئيس الأسد على أن: (موقفنا من المقاومة وتموضعنا بالنسبة لها كمفهوم أو ممارسة لن يتبدل، بالعكس هو يزداد رسوخاً، لأن الأحداث أثبتت أن من لا يمتلك قراره لا أمل له بالمستقبل، ومن لا يمتلك القوة لا قيمة له في هذا العالم، ومن لا يقاوم دفاعاً عن الوطن فلا يستحق وطناً بالأساس، فالخضوع يعطي شعوراً كاذباً بالأمان وربما بالقوة وأحياناً بالوجود أو الكينونة، لكن إلى حين).
نعم الخضوع يعطي شعوراً كاذباً بالأمان، وربما بالقوة، والشعب السوري لا يليق به إلا الأمان الحقيقي التام وغير القابل للمصادرة، والقوة السورية الأساسية التي يعوَّل عليها هي قوة ذاتية، وهي القوة الفعلية القابلة للتحول إلى قدرة، وهذه مسؤولية الجميع، فما نعيشه اليوم هو أخطر فصول الحرب ممثلاً بالحرب على الوعي، ورجال الفكر والمعرفة وبقية النخب الإعلامية والسياسية والمجتمعية والثقافية هم الجيش المعني بالاضطلاع بمهمة تحصين عقول أبناء الوطن، ومشاركة الجميع في الدفاع تمهيداً للانتقال إلى الهجوم الهادف والمحسوب والمثمر والبناء.
لاشك أن المهام التي تنتظر اللجنة المركزية والقيادة المركزية الجديدتين كبيرة ومتنوعة، وإمكانية إنجاز المطلوب متوفرة، وإن كانت تتطلب جهوداً نوعية واستثنائية، وواقع الحال يقول: إن حديث السيد الرئيس وما تضمنه من أفكار ومعانٍ ودلالات يؤكد أن الإرادة السورية صلبة ونوعية، ولا خوف عليها فدفة السفين بيد قبطان ماهر، ومن الطبيعي أن يتم تلقيّ ما قاله السيد الرئيس بكل معاني الوفاء من قبل جميع الوطنيين الشرفاء بعثيين وغيرهم، وسواء أكان الشخص في موقع المسؤولية الرسمية أم لا، فسورية الحبيبة وطننا جميعاً، وواجب الجميع الدفاع عن الوطن وإعلاء رايته وتحصينه بكل ما يمكن….
معطيات الواقع وقرائنه الدالة تؤكد أن البوصلة مضبوطة وطنياً، وأن السوريين اليوم على يقين أنه:
آن للبعث أن يحلق بجناحي الإرادة والوفاء.

  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى