المزيدكتابنا

راسم عبيدات يكتب:هل توطن المقاومة نفسها لموعد مسيرة الأعلام ..؟؟

راسم عبيدات يكتب:هل توطن المقاومة نفسها لموعد مسيرة الأعلام ..؟؟

من الواضح بأن واحدة من الأهداف التي اراد نتنياهو تحقيقها من خلال شنه العملية العسكرية والعدوان على قطاع غزة صبيحة فجر يوم الثلاثاء 9/5/2023،ليس فقط اغتيال العديد من القادة العسكريين للج ه اد الإسلامي،وتكبيل ال مقا و م ة ولجمها،والعمل على إستعادة قوة الردع لدولة الكيان الأخذة في التأكل،وانقاذ حكومته من التفكك والإنهيار،بعد الخلافات التي عصفت بها،على ضوء الخلاف بين ” البيبيان”،بيبي الكبير نتنياهو وبيبي الصغير بن غفير،على خلفية مقاطعة بن غفير لجلسات الحكومة،بسبب ما اعتبره رد ضعيف على الصواريخ التي انطلقت من قطاع غزة كرد على اغتيال الشيخ المجاهد خضر عدنان بالجوع في زنزانته داخل السجن،وكذلك نتنياهو يريد ان يحد من تطور وتصاعد قوة المعارضة في الشارع الإسرائيلي،التي استطاعت للأسبوع الثامن عشر ان تحشد في العديد من المظاهرات الإحتجاجية نصف مليون متظاهر،ضد محاولته اجراء تعديل على التشريعات القضائية،واضعاف سلطة ما يعرف بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية،وبما يمكن من السيطرة الكاملة على منظومة القضاء وتحرير الحكومة والكنيست من الرقابة القضائية.
نتنياهو وحكومته،بعد عمليات الإغتيال التي طالت العديد من قادة الجهاد الإسلامي العسكريين،سعى مع امريكا ومن خلال دول عربية تمتلك تأثير على الورقة الفلسطينية (مصر وقطر)،تثبيت هدنة تقود الى ” تهدئة مقابل تهدئة” وتفرض معادلات ردع وقواعد اشتباك جديدة،بما في ذلك فك العلاقة ما بين قطاع غزة والقدس،تلك الوحدة من المسار والمصير التي اوجدتها معركة ” سيف القدس” في ايار /2021 ،ولكن يبدو بأن ما فكر وحلم وخطط له نتنياهو من محاولة لتمرير اجنداته وتصدير أزماته، لم يفلح في تكبيل ا لم ق اومة وجعلها تقبل بالتهدئة بشروطه،وخاصة حركة ال ج هاد الإسلامي، التي أطلقت رد بعنوان “الثأر للأحرار”ولم تخض هذه المعركة منفردة،وإن كانت رأس الحربة فيها،حيث اتبعت مع بقية قوى ا ل م قا و مة تكتيكات متنوعة في الرد على هذا العدوان،تكتيكات حفرت عميقاً في وعي ونفسية الجمهور الإسرائيلي،وجبهته الداخلية ،فتأخر الرد لمدة ستة وثلاثين ساعة،كان جزء من الرد،وكذلك عدم نجاح اكاذيب وتضليلات نتنياهو في خلق فتنة بين قوى ا ل م ق اوم ة بالذات حركتي ا ل ج ه اد وح م اس،والتأكيد على ان غرقة القيادة المشتركة،هي صاحبة القرار حول الرد وشكله وحجمه ومداه وموعد بدئه،وفي الميدان رأينا كيف تفوقت قوى المقاومة تكتيكيا واستراتيجياً،من خلال رشقات صاروخية من اماكن متعددة وبتواقيت مختلفة،بما مكنها من تجاوز احدث المنظومات الدفاعية الصاروخية الإعتراضية الإسرائيلية ” القبة الحديدية ” و”مقلاع داود”،من خلال امتلاك صواريخ المقاومة لتقنيات عالية الدقة،شكلت مفاجأة لدولة الكيان،حيث لم تتمكن القبة الجديدة من اعتراض سوى 20% من صواريخ المقاومة،والتي وصلت مشارف القدس وبيت لحم واوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة.
دولة الكيان تقوم على الأمن والإقتصاد والإستقرار، وصواريخ ا ل م ق اوم ة ضربت هذه الركائز الثلاثة،حيث شهدنا حركة الهروب الكبيرة للمستوطنين من مستوطنات غلاف غزة ومناطق الوسط،وشلل الحركتين التجارية والإقتصادية واغلاق الطرقات،ونشر بطاريات صواريخ القبب الحديدية في كل انحاء دولة الكيان،وفتح الملاجيء ،والهرولة والهروب اليها،والذي طال المتطرفة ميري ريغف وزيرة الإتصالات.
دولة الكيان،تريد ان لا تطول المعركة،لأن جبهتها الداخلية غير قادرة على تحمل البقاء في الملاجىء والعيش في ظل ظروف الخوف والقلق والرعب،وبات مستوطني الكيان يشعرون بان القيادتين العسكرية والسياسية لدولتهم تكذب عليهم،وهي غير قادرة على توفير الأمن والحماية لهم.
نتنياهو بعد وصول صواريخ ا ل م ق اوم ة الى مشارف مدينة القدس ودكها لتل أبيب ،وقطعه الإتصال مع المصريين حول الهدنة،وجد نفسه في مأزق عميق،فقوى ا ل م ق اومة لديها سقف سياسي موحد وبغص النظر عن الطرف الذي يوافق او يوقع على الهدنة او التهدئة، فهناك شروط في مقدمتها وقف سياسة الإغتيالات،ومنع مسيرة الأعلام من التحرك نحو البلدة القديمة والحي الإسلامي فيها وتسليم جثمان المجاهد خضر عدنان، وبالمقابل كل هذه المطالب تصب في تصفية برنامج شريكه في الحكومة بن غفير،بمواصلة سياسة الإغتيالات وسير مسيرة الأعلام وفق مسارها وحسم السيادة والسيطرة على القدس،وتشديد الخناق على الأسرى وسحب منجزاتهم ومكتسباتهم وتجريدهم من حقوقهم،وبالمقابل توسيع دائرة المعركة والعدوان،بضرب البنى التحتية والمؤسسات والمقرات الحكومية والبنايات المدنية، قد يدفع الى إستهداف أهداف اقتصادية وحيوية في دولة الكيان،مثل محطات الكهرباء ومنصات الغاز والقطارات والمطارات والموانىء وغيرها،عبر صواريخ أكثر دقة وأكبر قوة تفجيرية وابعدى مدى موجود لدى حركة ح م اس .
وزير اركان جيش الكيان هيرتسي هليفي ومسؤول ” الشاباك” رونين بار والمعارضة الإسرائيلية،يدعون الى إنهاء العملية، لأنها على حد وصفهم اضعفت حركة الجهاد عسكرياً وقيادياً،من خلال تصفية العديد من قادتها العسكريين،وتدمير بنيتها العسكرية ومخزونها الصاروخي،وكذلك لم يعد هناك بنك اهداف سوى الأطفال والنساء والبنايات المدنية،وأيضاً استمرار العدوان وتوسعه،قد يقود الى أن تتوحد الساحات وان تخوض دولة الكيان المعركة على اكثر من جبهة،وهي خبرت ذلك في معركة العشر ساعات في 5/4/2023،حيث تدخلت صواريخ ا ل م ق اوم ة من لبنان وسوريا وغزة لصالح منع استمرار المستوطنين من مواصلة اقتحام الأقصى والإعتداء بوحشية على المرابطين والمعتكفين والمصلين،مما اجبر نتنياهو وحكومته على منع المستوطنين من مواصلة اقتحاماتهم للأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان،وبحث عن رد مؤطر ومقيد يتهم فيه حركة ح م اس بالمسؤولية عن الصواريخ،لكي لا يتورط في حرب على أكثر من جبهة،وظهر مردوعاً وملجوما أمام محور القدس.
من بعد هذه المعركة اعتقد بأن دولة الكيان التي دخلت مرحلة اللاخروج في ظل أزماتها السياسية والمجتمعية والبنيوية العميقة،والصراع المحتدم في داخلها ايديولوجياً وثقافياً حول هوية الكيان،وتفجر هذه الأزمات عبر ما يعرف بالتعديلات التشريعية والقضائية،وذهاب نتنياهو لهذا العدوان على قطاع غزة واغتيال العديد من القادة العسكريين ،بهدف ترميم قوة الردع واستعادتها كواحد من اهداف العدوان وتحصين حكومته من الإنهيار،كل المؤشرات تقول أنه بعد التوصل الى هدنة مع ا ل م ق وم ة الفلسطينية،فحساب نتنياهو سيكون قادم،وقد يطيح بحكومته ومستقبليه السياسي والشخصي،وسيكون مصيره السجن ،ويبدو بأن المأزق الذي وضع نفسه فيه،ما بين الفاشية اليهودية التي تتمسك بمسيرة الأعلام بمسارها المخطط لها،وما بين ا ل م ق او مة التي توطن نفسها، بالإصرار على وقف مسيرة الأعلام أو تغيير مسارها ،ولذلك هي توطن نفسها،بأن تستمر المعركة في القطاع حتى موعد مسيرة الأعلام،وحينها ستكون صواريخ ا ل م ق اوم ة كفيلة بمنعها وتفريقها،او أن يضطر نتنياهو للموافقة على تغيير مسارها ،في إطار الهدنة التي سيتم التوصل اليها،فقوى ا ل م ق اوم ة ترى في القدس والأقصى طريق الحماية للقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى