تاريخ ومزارات

محمد الفاتح.. أحد أفضل الحكام المسلمين على مر العصور

أسماء صبحي

محمد الفاتح من حكَّام المسلمين في القرن التاسع الهجري. ومع ذلك وصل إلينا مدح الرسول صلى الله عليه وسلم له قبل وجوده بأكثر من ثمانية قرون. حيث قال: «لَتفْتَحَنَّ الْقسْطَنْطِينِيَّة، وَلَنِعْمَ الْأَمِير أَمِيرهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْش ذَلِكَ الْجَيْش».

جمع محمد الفاتح مع سلامةِ العقيدة، وصحَّةِ العبادة، وجمالِ الأخلاق. حسْنَ الإدارة، وشدَّةَ القتال، والقدرة على القيادة، وقوة التأثير في الناس.

محمد الفاتح يفتح القسطنطينية

عندما شاهد العَلَم العثماني يرفرف فوق أحد أبواب القسطنطينية، علم أنَّ عمليَّة الفتح قد نجحت. فترجَّل عن حصانه، وخرّ ساجدًا لله حمدًا له على هذا النجاح العظيم.

ثم بعد الفتح سار بحصانه في الشارع المؤدِّي إلى كنيسة آيا صوفيا. وعندما وصل إلى بابها ترجَّل ثانية، وانحنى إلى الأرض ليأخذ حفنةً من التراب فنثرها فوق عمامته خضوعًا لله، وإظهارًا للتواضع له.

محاولات فتح القسطنطينية

الجيش الأول الذي حاول فتح القسطنطينية كان فيه عدد من الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري الذي دفِن حول أسوار القسطنطينية. وكان بقيادة يزيد بن معاوية في زمن معاوية بن أبي سفيان، وهو جيش بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالمغفرة.

تكررت المحاولات عبر العصور، وهذا التكرار لعدم الفتح كان من الممكن أن يورث غرورًا عند الفاتح عند اتمامه للفتح. لكنه كان على قناعة كاملة بأن الفاعل هو الله، ولذا لم يدخله الغرور أبدًا. بل أراد بما فعل أمام قادته وجنوده أن يحفظهم من شعور الغرور هذا، ويكون لهم قدوة حسنة في هذا الصدد.

صيام جيش محمد الفاتح

أمر السلطان أن يصبح الجيش كلَّه يوم الإثنين 28 مايو صائمًا، وأن يستغلّوا وقتهم طوال اليوم في الدعاء والابتهال إلى الله. كما أمر أن يكون هناك إفطار جماعيّ لكلِّ فرقةٍ لتقوية الرابطة بين الجنود.

أعلن أن الدولة لن تأخذ شيئًا من غنائم البلدة، بل هي كلها للجيش. فهو يرَغِّب الجيش في القتال، ويعلن عن زهده في ثروات عاصمة البيزنطيين لقرون متتالية.

كان الشيخ آق شمس الدين قد أخبر السلطان بأنَّه رأى وقت الفتح، وحدَّده له. ولكن اقترب هذا التوقيت ولم يكن واضحًا أنَّ الجيش الإسلامي سيدخل المدينة. فأرسل السلطان الفاتح إلى الشيخ أحد وزرائه، وهو أحمد باشا ولي الدين.

يقول الوزير: “رفعت أطناب الخيمة ونظرت، فإذا هو ساجدٌ على التراب، ورأسه مكشوف. وهو يتضرَّع ويبكي، فما رفعت رأسي إلَّا قام على رجله وكبَّر، وقال: الحمد لله، منحنا الله تعالى فتح القلعة. فنظرت إلى جانب القلعة، فإذا العسكر قد دخلوا بأجمعهم، ففتح الله تعالى ببركة دعائه:.

ليس هذا فقط، ولكن كان الشيخ آق شمس الدين قد أخبر هذا الوزير أنَّه سيكون إلى جوار السلطان عندما يدخل المدينة. أي أنَّه يرى صورةً معيَّنةً واضحةً لأمر الفتح، يعلم فيها مكان السلطان، ومكان مَنْ يقف إلى جواره. ويكْمِل الرواية بأنَّه عندما دخل السلطان القلعة نظر إلى جانبه فإذا الوزير أحمد باشا إلى جواره. فقال الوزير: هذا ما أخبر به الشيخ، ففرح السلطان فرحًا شديدًا وقال: “ما فرحت بهذا الفتح وإنَّما فرحي من وجود مثل هذا الرجل في زماني”.

آخر حملات محمد الفاتح العسكرية

في آخر حملات محمد الفاتح العسكريَّة، في عام 1478م في ألبانيا، وبعد خمسٍ وعشرين سنة من الموقف الأوَّل. يقول الفاتح عندما وصله نبأ فتح ليزهي Lezhe: “هذا نصر أعطاه الله لي”.

كان الجنود يردِّدون في حملة ألبانيا عام 1478م، وهم يحاصرون قلعة شقودرة: “الله.. الله”. وكان هذا هو ترديدهم كذلك عند حصارهم لقلعة درشت Drisht في الحملة نفسها.

وانظر إلى طريقة تعبير قادة الجيش عن النصر، فقد ذكر المؤرِّخ التركي كيڤامي، وهو معاصر للفاتح. أنَّ الجنود فتحوا قلعة درشت ولم يكن الفاتح موجودًا فأرسلوا له رسالةً تخبره بالنصر قالوا فيها: “قضى الله العليّ العظيم أن تؤخذ هذه القلعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى