تاريخ ومزارات

تعرف على قصة استشهادالصحابى عكرمة بن عمرو

تعرف على قصة استشهادالصحابى عكرمة بن عمرو
 أسلم عكرمة بن عمرو بن هشام  بعد فتح مكة ، وكان الرسول  قد أباح قتله ؛ بسبب ما ظهر منه من شدة العداء لله ورسوله  .
عندما فتح الرسول  مكة ، فر عكرمة هارباً وترك أهله وماله ، واتجه نحو اليمن يفكر في الذهاب إلى الحبشة ، إلا أن الله سبحانه كان قد رزقه بزوجة وفية سبقته إلى الإسلام ، وهى أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، وكانت تحب زوجها وتتمنى له الهداية .
لما رأت ما كان من هروب زوجها ذهبت إلى الرسول  تطلب منه العفو والأمان لزوجها ، فرق قلب النبي  لحالها ، وأعطاه الأمان ، فأسرعت أم حكيم إلى زوجها لتبشره بعفو رسول الله  عنه ، وبعد أن عانت الزوجة المخلصة من سفرها في الصحراء ، وصلت إلى ساحل البحر فلحقت بزوجها ، وهو في السفينة ، ظلت تنادي عليه حتى سمعها ، فقالت : يابن العم .. جئتك من عند أوصل الناس ، وأبر الناس ، وخير الناس ، لا تهلك نفسك ، فعاد إليها ، فقالت له : إني قد استأمنت لك رسول الله  ، فقال لها : أنت فعلت ذلك؟ فقالت : نعم أنا كلمته فأمَّنك ، فرجع معها إلى مكة حتى لقى رسول الله  وأعلن إسلامه ، فقال له الرسول  : [ مرحبًا بالراكب المهاجر ] .
وقال النبي  لأصحابه : { يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجراً فلا تسبُّوا أباه ، فإن سب الميت يؤذى الحي ، ولا يبلغ الميت } .
ووقف عكرمة بين يدي الرسول  نادماً على ما حدث منه ، وقال : يا رسول الله علمني خير شيئ تعلمه حتى أقوله ، فقال له النبي  {شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله} ، فقال عكرمة : أنا أشهد بهذا وأشهد بذلك من حضرني، وأسألك يا رسول الله أن تستغفر لي ، فاستغفر له رسول الله  ، فقال عكرمة : والله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالاً قاتلته إلا قاتلت ضعفه ، وأشهدك يا رسول الله على ذلك .
هكذا أسلم عكرمة فحسن إسلامه ، وشارك مع جيوش المسلمين في كثير من الغزوات ، واستعمله الرسول  على صدقات هوازن في عام وفاته ، وواصل عكرمة جهاده مع المسلمين في عهد أبي بكر ، واشترك في حروب الردة ، وأبلى فيها بلاء حسناً ، وسار إلى عمان فحارب المرتدين هناك ، وجعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه أميراً عليها ، وبقى فيها حتى وفاة أبي بكر ، فلما تولى عمر بن الخطاب الخلافة ، واتسعت في عهده الفتوحات الإسلامية ، اشترك عكرمة فيها ، وظل يجاهد في سبيل الله حتى جاءت موقعة اليرموك ، عندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب ، تناول البطل الإسلامي الفذ {عكرمة بن عمرو بن هشام} سيفه واتخذ القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان ، لقد اتخذ عكرمة قرار الموت ، فنادى بالمسلمين بصوت يشبه الرعد : أيها المسلمون من يبايع على الموت ؟ فتقدم إليه أربعمائة فدائي ، ليكوَّنوا ما عرف في التاريخ باسم { كتيبة الموت الإسلامية } ، عندها اتجه خالد بن الوليد نحو عكرمة وحاول منعه من التضحية بنفسه ، فنظر إليه عكرمة والنور يشرق من جبينه وقال : إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول اللّه  سابقة ، أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول اللّه  فدعني اكَفّر عما سلف مني ، ولقد قاتلت رسول الله في مواطن كثيرة ، وأفر من الروم اليوم ؟ إن هذا لن يكون أبداً .
انطلقت كتيبة الموت الإسلامية ، وتفاجأ الروم بأسود جارحة تنقض عليهم لتكسر جماجمهـم ، وتقدم الفدائي تلو الفدائي من وحدة الموت العكرمية نحو مئات الاَلاف من جيش الإمبراطورية الرومانية ، وتقدم عكرمة بن أبي جهل بنفسه إلى قلب الجيش الروماني ؛ ليكسر الحصار عن جيش المسلمين ، واستطاع فعلاً إحداث ثغرة في جيش العدو بعد أن انقض على صفوفهم انقضاض طالب الموت ، فأمر قائد الروم أن تصوب كل السهام نحو هذا الفدائي ، فسقط فرس عكرمة من كثرة السهام التي انغرست فيه ، فوثب قائد كتيبة الموت الإسلامية الفدائي البطل عكرمة بن أبي جهل من على ظهر فرسه وتقدم وحده نحو المئات من الروم يقاتلهم بسيفه ، عندها صوب الروم سهامهم إلى قلبه ، فلمّا رأى المسلمون ذلك المنظر الإنساني البطولي ، اختلطت المشاعر في صدورهم ، فاندفع فدائيو كتيبة الموت العكرمية نحو قائدهم لكي يموتوا في سبيل اللّه كما بايعوه ، فلم يصدق الروم أعينهم وهم يرون أولئك المجاهدين الأربعمائة يتقدمون للموت المحقق بأرجلهم ، فألقى الله في قلوب الذين كفروا الرعب ، فرجع الروم القهقرة ، ولاذوا بالفرار وصيحات {اللّه أكبر} تطاردهم من أفواه فدائيي عكرمة ، فاستطاعت تلك الوحدة الاستشهادية كسر الحصار عن جيش المسلمين .
أظهر عكرمة رضي الله عنه في هذه المعركة فدائية وشجاعة نادرة حتى جرح وجهه وصدره ، وانتصر المسلمون انتصاراً حاسماً ، ولكن جرح عكرمة كان عميقاً فأدى إلى استشهاده .
فتش خالد بن الوليد على ابن عمه عكرمة ؛ فوجد فيه بضعة وسبعين جرحاً ما بين طعنة ورمية وضربة ، وهو ملقى بين اثنين من جنود كتيبته الفدائية وهما الحارث ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة ، والدماء تسيل منهم جميعاً ، فطلب الحارث ابن هشام بعض الماء ليشربه ، وقبل أن يشرب قطرة منه نظر إلى عكرمة بن ابي جهل وقال لحامل الماء اجعل عكرمة يشرب أولاً فهو اكثر عطشاً مني ، فلما اقترب الماء من عكرمة أراد ان يشرب لكنه رأى عياش بجانبه فقال لحامل الماء احمله إلى عياش أولاً فلما وصل الماء إلى عياش قال لا أشرب حتى يشرب أخي الذي طلب الماء أولا ، فالتفت الناس نحو الحارث بن هشام فوجدوه قد فارق الحياة ، فنظروا إلى عكرمه فوجدوه قد استشهد ، فرجعوا إلى عياش ليسقوه شربة ماء فوجدوه ساكن الأنفاس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى