حمورابي: المعماري العظيم وصانع القوانين الذي نقش التاريخ
يُعتبر الملك حمورابي، الذي يُرجح أنه وُلد حوالي عام 1810 قبل الميلاد في بابل بالعراق، من أبرز ملوك بابل القديمة. تولى العرش في عام 1792 قبل الميلاد وحكم حتى وفاته في عام 1750 قبل الميلاد، وكان يحتل المرتبة السادسة بين ملوك بابل السابقين. تحت قيادته، شهدت بابل فترة من الازدهار والتطور غير المسبوق.
من هو الملك حمورابي
حمورابي معروف بشكل أساسي بسبب قوانينه، التي تضمنت تشريعات من تأليفه وأخرى مستمدة من الأعراف والقوانين القديمة التي قام بتنقيحها وتحديثها. كما كان معماريًا متميزًا، حيث أقام العديد من المعابد والمباني العامة والحصون والأسوار، بالإضافة إلى قنوات للري والدفاع. كان يهتم بشكل خاص بالحفاظ على نهر الفرات، الشريان الحيوي للحياة الاقتصادية والاجتماعية لشعبه.
خلال الربع الأول من حكمه، كانت بابل تواجه تهديدات مستمرة من جيرانها، بما في ذلك ماري ولارسا وأشور وأشنونة، حيث كانت هذه الدول تتحالف أحيانًا ضد بابل أو تتعاون معها. بدأ التوتر مع ريم-سن، ملك لارسا، الذي احتل إسن، مما أدى إلى نزاعات متقطعة. في عام 1787 قبل الميلاد، استعاد حمورابي السيطرة على إسن وأورك، وبعد ذلك بعامين، اندلعت الحروب مع الجيران الشرقيين والشماليين الغربيين. وفي عام 1764 قبل الميلاد، واجه حمورابي تحالفًا كبيرًا ضم أشور وأشنونة وإيلان، في محاولة لمنع توسعه نحو المناطق الغنية بالمعادن. استمرت الصراعات مع جيرانه على مدى السنوات التالية، وفي عام 1763 قبل الميلاد، حقق انتصارًا حاسمًا على لارسا، وفي العام التالي، اشتعلت الحروب مع الجيران الشرقيين.
لم تكن نوايا حمورابي في هذه الحروب توسعية بقدر ما كانت دفاعية، بهدف حماية بابل وليس لإقامة إمبراطورية. وعلى الرغم من انشغاله بالحروب، لم يقم بتأسيس نظام إداري فعال، بل اعتمد على التقاليد القديمة التي تتطلب تدخل الملك المباشر في شؤون الحكم.
وفاة حمورابي
بعد وفاة حمورابي في عام 1750 قبل الميلاد، خلفه ابنه سمسويلونا على العرش.
أما بالنسبة لشريعة حمورابي، فهي مجموعة من القوانين التي وضعها الملك في منتصف القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وتعتمد جزئيًا على القانون السومري. كما تم اكتشاف هذه القوانين في سوسه بالعراق في عام 1901 ميلادي، محفورة على لوح من البازلت الأسود بطول 2.2 متر. وتم تدوينها حوالي عام 1740 قبل الميلاد ووضعت في معبد الإله مردوخ في بابل.
تم العثور على اللوح مكسورًا إلى ثلاث قطع، وتم ترميمه وهو الآن معروض في متحف اللوفر في باريس. تضم الشريعة 228 قانونًا مسجلًا على 16 عمودًا على جانب و28 عمودًا على الجانب الآخر.
تغطي الشرائع مجالات الأسرة، القضايا المدنية، الجريمة، والمؤن، وتتميز بتفصيلها الدقيق الذي يحدد أجور الخدمات وأصول التجارة. تستند القوانين الجنائية إلى مبدأ “العين بالعين” و”السن بالسن”، وتمنح الحق في الانتقام. وعلى الرغم من أن الشرائع تتسم بالإنسانية والرحمة، إلا أنها تضمنت بعض الأعراف القبلية. تحدد الشرائع أيضًا الإجراءات القانونية وكيفية تطبيقها بدقة، وتعاقب من يقدم شكوى كاذبة، وتضمن المساواة بين جميع سكان بابل، بما في ذلك العبيد.