تاريخ ومزارات

إسهامات مدرسة المهندسخانة في تطوير الهندسة في عهد محمد علي

يرتبط تاريخ تعليم الهندسة في مصر بإنشاء مدرسة المهندسخانة، التي أسسها محمد علي باشا في القاهرة عام 1816 بهدف تدريب المتخصصين في مجالات الهندسة. تأسست المدرسة الأولى في القلعة، وكانت تركز على تدريب المهندسين المساحين. في عام 1834، تأسست مدرسة المهندسخانة الثانية في بولاق لتدريب المتخصصين الفنيين للعمل في المشروعات المدنية والعسكرية.

ومع مرور الوقت، شهدت مدارس المهندسخانة تطورًا وتغييرات في تنظيمها ومناهجها. في مطلع عهد محمد سعيد باشا عام 1854، أُغلقت مدارس المهندسخانة بمعاهد أخرى. لكن في عام 1858، تم إعادة فتح مدرستين منفصلتين لتدريس الهندسة، إحداها للري بالقناطر الخيرية والأخرى للعمارة بالقلعة. ومع ذلك، أُغلقت هذه المدارس مرة أخرى في عام 1861.

ومن ثم، شهدت مرحلة جديدة من التطور حيث تم افتتاح مدرسة الري والعمارة بسراي الزعفران بالعباسية عام 1866، ومن ثم انتقلت إلى سراي مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز عام 1867. وفي تلك الفترة، كانت فترة من التحولات والتغييرات في برامج الدراسة وهياكل المدرسة.

في عام 1892، تم تغيير منهج المدرسة بحيث أُلغيت السنة الإعدادية وأعيد تنظيم الدراسة. وفي عام 1930، تم إعادة تسمية المدرسة إلى “مدرسة المهندسخانة الخديوية”، وفي عام 1950، أُعيد تسميتها إلى “مدرسة الهندسة الملكية”.

شهدت المدرسة مزيدًا من التطوير والتوسع، حيث نقلت مؤقتًا إلى دار مدرسة الزراعة القديمة بالجيزة في أكتوبر 1902، وبعد ذلك تم بناء مبانٍ جديدة لها، وانتقلت إلى مبناها الجديد في سنة 1905. كما تم توسيع البرامج التعليمية وتحديث المعامل والورش، وفتح قسم جديد للكهرباء والميكانيكا.

تم تنظيم المدرسة بشكل أفضل في عهد الدكتور شارل اندريا، الذي عُيّن ناظرًا للمدرسة في سنة 1928، واتخذت العديد من الإصلاحات والتحسينات في مناهج الدراسة والهيكل التنظيمي. ومن ثم، شهدت مدرسة المهندسخانة مزيدًا من التطوير والتحديث في السنوات التالية، حيث توسعت البرامج التعليمية وتحديثت المرافق والمعامل، وأصبحت من بين أهم المؤسسات التعليمية للهندسة في مصر.

تعد مدرسة المهندسخانة مكانًا لتعليم العلوم الهندسية الحديثة والتطبيقية، حيث كانت تقدم برامج دراسية متنوعة تشمل الهندسة الميكانيكية، والهندسة المدنية، والهندسة الكهربائية، والهندسة المعمارية، والكيمياء، والفيزياء، بالإضافة إلى المواد الأساسية الأخرى. وكانت المدرسة تضم هيئة تدريس متميزة من الأساتذة والمدرسين الفرنسيين والمصريين المتخصصين في مجالاتهم.

كانت مدرسة المهندسخانة تعتبر محطة هامة لتطور التعليم والتكنولوجيا في مصر، حيث تخرج منها العديد من الكفاءات الفنية والهندسية التي ساهمت في بناء البنية التحتية للبلاد وتطوير الصناعات المحلية. وقد لعبت دورًا حيويًا في تقدم مصر التقني والاقتصادي خلال تلك الفترة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى