تصاعد القوة وترسيخ النفوذ من خلال اتفاقية كوتاهية..إليك التفاصيل
شهدت العلاقات بين الدولة العثمانية ومصر، التي كانت تحت حكم الوالي محمد علي باشا، واحدة من أبرز الأحداث التاريخية المعروفة باسم “اتفاقية كوتاهية”.في يوم 8 أبريل 1833. تلك الاتفاقية البارزة جاءت في أعقاب الحرب المصرية العثمانية الأولى (1831-1833). حيث استطاع الجيش المصري تحقيق انتصارات ساحقة على الجيش العثماني. وبالتالي، سيطرت مصر على أراضي واسعة تشمل سوريا وفلسطين وأجزاء من الأناضول.
تدخلت القوى الأوروبية، ولا سيما بريطانيا وفرنسا، في محاولة لمنع انهيار الدولة العثمانية والحفاظ على توازن القوى في المنطقة. في هذا السياق. جرت مفاوضات تمهيدية أدت إلى صياغة اتفاقية كوتاهية التي استندت إلى عدة بنود هامة.
أحد أبرز أحكام الاتفاقية كان تخلي محمد علي عن سوريا وإقليم أضنة لصالح الدولة العثمانية. بينما تم تثبيته كوالي على مصر وجزيرة كريت والحجاز. كما تم تسمية محمد علي بلقب “والي مصر العليا والسودان”. وفي سياق آخر. اعترفت الاتفاقية بإبراهيم باشا، ابن محمد علي، كوالي على فلسطين. ولضمان استقرار المنطقة، تم الاتفاق على دفع مصر جزية سنوية للدولة العثمانية.
أدت الاتفاقية إلى الانتهاء الرسمي للحرب المصرية العثمانية الأولى، وعززت نفوذ محمد علي في مصر والمنطقة العربية، مما سهم في تعزيز مكانة مصر كقوة إقليمية هامة. وفي السياق الأوسع.فتحت الطريق لظهور الدولة المصرية الحديثة.ولكن يظل التقييم لهذه الاتفاقية محل اختلاف. حيث اعتبرها البعض نصرًا لمحمد علي. بينما رأى آخرون أنها تمثل هزيمة للدولة العثمانية، ولم تحل بشكل جذري المشاكل العميقة بين الدولتين.
تاريخ العلاقات بين الدولة العثمانية ومصر
تعد اتفاقية كوتاهية واحدة من الفصول المهمة في تاريخ العلاقات بين الدولة العثمانية ومصر. حيث أفضت الأحداث إلى تحديد حدود السلطة بين الطرفين. بموجب هذا الاتفاق. استلم محمد علي باشا، الحاكم القوي لمصر، السيطرة على مصر وجزيرة كريت والحجاز، فيما تنازلت الدولة العثمانية عن سوريا وإقليم أضنة.
في ظل هذه الترتيبات، أظهرت التفاصيل الدقيقة للاتفاق أن هناك توجيهات دقيقة تعاملت مع قضية إقليم أضنة. حيث انكشف أن الباب العالي، الممثل للدولة العثمانية. عبر عن رغبته في التراجع عن التفاهم بخصوص هذا الإقليم. أدى هذا الخلاف إلى تعليق إبراهيم باشا، قائد الجيش المصري، لجلاء القوات حتى يتم الاتفاق على مستقبل إقليم أضنة.
لم يكن السلطان عاجزًا عن تنازله إلا بالضغط، حيث صدر فرمان في 6 مايو 1833 يؤكد مضمون الاتفاق بالكامل. وتمثل هذه الخطوة إقرارًا رسميًا بتثبيت محمد علي باشا على مصر وكريت ومنحه إدارة ولايات سورية. بالإضافة إلى تجديد ولاية إبراهيم باشا على جدة والحجاز.
شروط اتفاقية كوتاهية
وفي إطار تفاصيل الاتفاقية، أظهرت الحدود الشمالية لمصر تحديدًا جديدًا، حيث امتدت إلى مضيق كولك بجبال طوروس. الذي يُعرف بالتركية بوغاز كولك. وبهذا الاتفاق. اختتمت الحرب السورية، مسهمة في توسيع نطاق الدولة المصرية وتعزيز سيطرتها على سوريا وأضنة. بالإضافة إلى ترسيخ سلطتها على كريت وجزيرة العرب.
يجدر بالذكر أن السلطان لم يقبل هذا الاتفاق إلا تحت وطأة الظروف.وفي إشارة إلى عدم استعداده للاعتراف به بشكل نهائي. عقد بعد ذلك معاهدة هنكار أسكله سي مع روسيا بشكل سري في 8 يوليو 1833. كانت هذه المعاهدة تحمل طابعًا دفاعيًا هجوميًا، حيث تعهدت كل دولة بمساعدة الأخرى في حال تعرضت لأي خطر خارجي أو داخلي.
ومن جانبها، التزمت تركيا بتسهيل مرور الأسطول الروسي من البحر الأسود إلى البحر المتوسط. بالإضافة إلى إغلاق المضاغيز أمام جميع السفن التابعة للدول الأخرى. وبهذا، تعكس المعاهدة الروسية التركية توسيع نفوذ روسيا وحمايتها الفعلية على تركيا.ما يوحي بأن السلطان لم يكن ينوي إلا أن يستخدمها كوسيلة للنقض المستقبلي لاتفاق كوتاهية. خاصة أن تركيا لم تكن تتعرض في ذلك الوقت لأي تهديد خارجي أو داخلي إلا من قبل مصر.