تاريخ ومزارات
شَجَاعَـة وَإقدَام ألب أرسلان
” شَجَاعَـة وَإقدَام “
في مَعرَكَة «مَلاذكرد» انغَمَسَ جَماعَة قَليلَة مِنَ المُسلمين في جَماعَةٍ كَبيرةٍ مِنَ المُشركين، وَكانَ قائِد المَعركة «ألب أرسَلان» الذي خَاضَهَا ضَدَ الرُوم،
وَكانَ الرُوم قَد أعدُّوا وَاستعدوا بِجمعٍ غَفيرٍ كَبير، وبأكثَر مِن ستمائة ألف، وَتفائلوا بانتصارهم حَتَّى أنهم وَزَّعوا بينَهم قَبل المَعركة بُلدان وَأقطار المُسلمين،
وَكانَ ألب أرسلان يَومَهَا سُلطانَ العَرَب وَالعَجَم، فَلمَّا سمعَ بحشود الرُوم جمعَ وَجوه البلاد ليستشيرَهُم، فلَم يزيدوا رأياً فوقَ رأيهِ وَتركوا إليهِ الأمر، فَقال :
« وَأينَ المَفر؟ لَم يَبقَ إلاَّ المَوت، فموتوا كِرامَاً خَيرٌ لَكُم.»
• وَاتَّخذَ قرارهُ بِملاقاة الرُوم بمن مَعهُ مِنَ الرِجال، وَكانوا عِشرَينَ ألفاً،
وَلمَّا وَاجه المُسلمون الروم رأوا مَا أذهَل العُقول وَغيَّبَ الألباب، إذ كانوا كالشَامَة البيضاء في الثَور الأسود،
• فقالَ ألب أرسلان :
« لا أُريد أن أقاتلهم إلاَّ بعدَ الزوال عِندَ خطبة الجُمعة.»
وَكانَ يرتجي دُعاءَ المُسلمين له بعدَ الخطبة،
• وَلمَّا زالت الشَمس قَال لجنودِه :
« لِيودِّع كُل واحد صاحبهُ، وَلِيوصِ وَصيَّتهُ، وَإني عازمٌ عَلىٰ أن أحمل عَلىٰ الرُّوم فاحمِلوا مَعي.»
وَاصطَفَّ الروم عشرين صَفاً لا يُرى طَرَفا كُل صَف لكثرتم،
فتقدَّمَ ألب أرسلان وَاخترقَ صفوفَ الرُوم حَتَّى انتهوا إلى السرادق التي فيهَا مَلكُ الرُوم، وَقبضوا عَليهِ وَقتلوا كل مَن كانَ حوله، وَرفعوا رأسَ أحدهم على السهم وقالوا :
« قُتِلَ المَلِك.»
• فَولّى الروم هارِبين مهزومِين، وَجيئَ بملك الرُوم إلى ألب أرسلان وفي رَقبتهِ حَبل، فَقالَ لهُ ألب أرسلان :
« مَا كُنتَ صَانِعَاً بي لَو ظفرتَ بي؟»
• قَال :
« أوكُنتَ تشكُّ في قَتلي لكَ يومئذٍ؟»
• فَقَال ألب أرسلان :
« أنتَ أقلُّ في عَيني مِن أن أقتلك.»
• ثمَ أمر جنوده بِبَيعهِ في الأسواق، فَلم يشترهِ أحد مِنَ المُسلمين إلاَّ رجلٌ عَرضَ أن يشتريهِ وأن يدفع ثَمنهُ كَلباً!
بعدَ ذلكَ أمرَ ألب أرسلان باطلاقِ سراحهِ، فلمَّا وَصل عَزلهُ الرُوم وَوَلَّوا مَلِكاً مَكانهُ.