السفير الدكتور جواد الهنداوي يكتب :بعد غزّة كُلَّ ماهو ” دولي ” في حاوية النفايات الإنسانية.
السفير الدكتور جواد الهنداوي يكتب :بعد غزّة كُلَّ ماهو ” دولي ” في حاوية النفايات الإنسانية.
و أولُ ما يخطرُ على البال ” مجلس الأمن الدولي ” ، و ” التحالف الدولي ” و ” القضاء الدولي ” و ” القانون الدولي ” و ” المجتمع الدولي ” و ” الامن و الاستقرار الدولي ” ، و ” الشرعية الدولية ” .
أسماءُ ليس لنا سوى ألفاظِها ،أمّا معانيها فهي أسوءُ .
مع الاعتذار للشاعر العراقي المرحوم معروف الرصافي( ١٨٧٥- ١٩٤٥) ، في التصرف في هذا البيت من قصيدته المعروفه ” حكومة الانتداب ” ، والتي مطلعها ” علمٌ و دستورٌ ومجلس أُمةٍ كُلٌ عن المعنى الصحيح مُحرّفُ
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها اما معانيها فليست تُعرفُ ” .
مجالس وتحالفات و محاكم دولية و أمميّة ،ولكن ليس لصالح الإنسانيّة و البشريّة ،و انما لتمرير الظلم وتبرير الاستعمار و الاحتلال و الاستبداد ، والكيّل بمكياليّن ، و الآمر بالباطل والنهي عن المعروف . و ما يجري في غزّة يدعو إلى رمي هذه ” المِنتجّات الدولية ” في حاوية النفايات الإنسانية .
مُحّقٌ جداً السيد محمد شياع السوداني ،رئيس مجلس وزراء العراق ،في تكرار تصريحاته بضرورة ” انهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق ” ، و اعتبار مُهمّة انهاء تواجد قوات التحالف الدولي هو استحقاق !
و أُضيف إلى ما قاله السيد السوداني ، بأنَّ انهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق ، استحقاق تقتضيه المصلحة الوطنية . ولا يوجد في قاموس ” المصلحة الوطنية ” مفردات او عناصر اهم و أسمى من السيادة و الامن و الاستقرار ، و تقدير هذه العناصر يعود حصراً لمن هو مسؤول دستورياً عن رسم وتنفيذ سياسة الدولة ، التشاور مع الاحزاب النيابية أمرٌ ضروري ،بكل تأكيد ،ولكن القرار بشأن بقاء او مغادرة قوات التحالف الدولي ،ليس للأحزاب و لا للمكّونات ،وانما لرئيس الوزراء و القائد العام للقوات المسلحة . المهمّة تقتضي قرار وطني ، وكل ما يتخذهُ رئيس الوزراء و وفقاً للدستور ،هو وطني . تعليق المُهّمة على أجماع وطني ( لم ولن يحصل ) او على توافق مكوناتي هو تبرير وغطاء لعدم الرغبة او القدرة في انجاز المُهمّة .
كمْ كان فاعلاً و مؤثراً مجلس الامن الدولي ،حين أُوكِلتْ اليه ،مهّمة تحرير الكويت ،ومن ثُمّ احتلال وتدمير العراق ! وكمْ هو كذلك حين ساقتهُ الولايات المتحدة الأمريكية ليقرر ما تريدهُ في الحرب في أوكرانيا . ثُمَ لا ننسى دور مجلس الامن الدولي في ليبيا وفي سوريا وغيرهما !
اليوم تُعزّزْ جرائم إسرائيل و امريكا في غزّة ما عرفناه و عشناه من ظُلمْ و ازدواجيّة قرارات كُلَّ ما هو دولي ،إنْ كان ذلك مجلساً او تحالفاً او مجتمعاً او قضاءاً او قانوناً .
اليوم ،تجرّدَ ” الدولي ” ليس فقط من المعايير السياسية و المنطقّية ،ومن المصالح ،و انما تجرّد من الإنسانية ، و دخلَ ” الدولي ” الى حظيرة الوحوش ، وهي ( واقصدُ الحظيرة ) أعلى مرتبةً في القسوة و الافتراس من حظيرة الحيوانات !
أنصحُ الصحفي الأمريكي توماس فريدمان ، والمختص بشؤون الشرق الاوسط، كما يصفه البعض ،
والذي بدأَ منذُ اسبوع تقريباً ، ينشرُ مقالات مستعيراً ،في وصف وتحليل مشاهد الشرق الأوسط ، بالحيوانات ( امريكا أسدٌ هرم ،ونتنياهو قرد ،و ايران دبور ، واليمن والعراق ولبنان يرقات ) ، انصحهُ بأنْ يكرمنا بوصفٍ مناسب لما ترتكبه إسرائيل اليوم في غزّة ؟ اتمنى ان لا يصفها ” نحلة ” ! وهل تستحق وصف حيوان ،و للحيوان مشاعر الألفة و الشفقة ،ام وصف وحش!
شّوهَ ” الدولي ” و انحرف عن الاهداف و المواثيق التعريفية له بسبب الصهيونية ( نواة وحلفاء ) ،اي بمفردات ابسط ، الصهيونية والتي انبثقت عام ١٨٩٧ في سويسرا ” خرّبت ” ما انتجّه الإبداع البشري ، و ما شهدهُ العالم من حروب وجرائم ،قورنت بجرائم النازية في المانيا الاّ من صنائع الصهيونية .واليوم تُولَدْ النازيّة من جديد في غزّة .
ما يجري في غزّة جرس إنذار للدولة التي ،وُجدتْ بحكم الظروف ،وهي كُثرٌ و متشعبّة، ان تتعامل و تتعاطى مع ” الدولي ” . اصبح ” الدولي ” يعني ” أمريكي ” ،و أمريكي يعني مصلحة إسرائيل أولاً و آخراً ، والحديث عن ملفات منطقتنا . ” تحالف دولي “مع الدولة قد يتحّول ،حين تقتضي مصلحة اسرائيل، ( وهي مصلحة حاضرة ولا تغيب مطلقا ) إلى تحالف ضّدْ الدولة .