سيناء – محمود الشوربجي
عند العودة إلى تاريخ القضاء العرفي في سيناء، نجد أن الأهالي السيناويين قد عرفوا القضاء من قديم الزمان، ونفذوه على مستوى مجتمعاتهم في القصاص وباقي المعاملات، على قواعد أعراف قديمة ورثوها من أسلافهم الآباء والأجداد، والقضاء العرفي في المجمل ومنذ نشأته هو دستور شفوي غير مكتوب. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت كتابة وجمع لقواعده في مؤلفات متعددة.
اللواء الدكتور محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، أكد أهمية القضاء العرفي في حل المشكلات داخل المجتمع السيناوي، وقال أن التكاتف والتعاون من أجل إعادة الأعراف والتقاليد إلى ما كانت عليه أيام الآباء والأجداد يمثل دور مهم في حل المشكلات التي تواجه المجتمع السيناوي.
ولفت محافظ شمال سيناء خلال جلسة الصلح التي جرت بين عائلتي عروج وحجاب في ديوان آل عروج بالعريش بحضور عدد من مشايخ القبائل والعائلات والشيخ إبراهيم عبد الرحمن، إمام وخطيب مسجد الرفاعي بالعريش وعزيز مطر عضو مجلس النواب وأمين جوده، نقيب المهندسين بشمال سيناء، إلى علاقات الود والمودة بين العائلتين، مؤكدًا حرصه على استمرار العلاقات الطيبة بين جميع المواطنين من أهالي المحافظة باعتبار أن المحافظة قبيلة واحدة.
بدوره قال الشيخ عبد اللطيف عروج، أن أحد المواطنين من عائلة حجاب قام بالاصطدام بسيارته بالمهندس حسن البنا حافظ، أحد أبناء عائلة عروج، مما أدى إلى مقتله، وذلك منذ عدة أشهر.
وأكد “عروج” إصرار محافظ شمال سيناء في حل الخلاف بين العائلتين باعتباره كبير العائلة السيناوية، موجهًا الشكر للمحافظ علي الجهود المبذولة في رأب الصراع بين العائلتين.
وقال الحاج مسعد عروج أحد كبار عائلة عروج، وأحد قيادات قسم رابع العريش، أن هذه العادات تؤكد تماسك أبناء سيناء وتنزع فتيل أي فتنة في مهدها، متمنيًا أن تكون هي الأساس في حل المشاكل مشيرا إلى أهمية الدور الذي قام به محافظ شمال سيناء باعتباره قائدا لمسيرة التنمية على أرض المحافظة.
من ناحيته وجه عادل محسن، أحد القيادات الطبيعية بالعريش، كل الشكر لمن سعى في حل الخلاف بين العائلتين، وإلى المحافظ لسعيه واهتمامه في حل المشكلة منذ بدايتها.
ويقول الشيخ إبراهيم عبد الرحمن، إمام وخطيب مسجد الرفاعي بالعريش، أن التسامح من الصفات التي يتسم بها المسلمون والتي أوصانا به الرسول الكريم والتي تحافظ على تماسك وترابط المجتمع، مؤكدا المكانة العليا الذي اختصها الله للمتسامحين.
وأشار فهد حجاب، أحد أبناء عائلة حجاب، إلى أهمية جهود مشايخ وعواقل سيناء ورعاية المحافظ في احتواء المشكلة التي وقعت مع عائلة عروج بسبب القتل الخطأ، مقدمًا شكره إلى كبار عائلة عروج في قبول الصلح.
هذا واتفق الحضور على تغريم عائلة حجاب مبلغ مليون ونصف مليون جنيه لصالح عائلة عروج، حيث تنازلت عائلة عروج عن المبلغ طبقًا للعادات والتقاليد، حيث أن القتل وقع بطريق الخطأ وحرصا على توطيد أواصر الترابط الاجتماعي وترسيخ قواعد وأسس المحبة بين العائلات.
ويقول أحمد حسن البنا، ابن المغفور له، في حديث خاص لـ «صوت القبائل العربية»، الذي ابتدأ حديثه بالدعاء بالرحمة والمغفره لوالده الراحل، الذي أمضى حياته متسامحًا بشوش الوجه، لا يحمل ذرة غضب تجاه أي شخص، مشيرًا إلى أن آخر وصاياه هو أن يسامح ويصفح وهو لا يدري ما سيحدث له، وأن يسامح في حق نفسه حتى وإن أدى ذلك إلى وفاته.