جمال أسعد يكتب: لماذا تديين القضية؟
جمال أسعد يكتب: لماذا تديين القضية؟
الإيمان الدينى هو تلك العلاقة بين الإنسان المؤمن وبين الله. وهذه العلاقة لا يعرفها ولا يدرك كنهها غير الله سبحانه وتعالى وهذا المؤمن. وخصوصية تلك العلاقة غير المدركة لأى آخر مهما كانت علاقة المؤمن به غير ذلك الانتماء الجمعى للدين أى دين.
فلو كان عدد المؤمنين بأى دين مليارًا مثلا. فيمكن هنا أن نقول إن هناك علاقة خاصة وإيمانا خاصا بهذا الدين يصل إلى مليار إيمان وعلاقة خاصة مع الله. وهذا غير الانتماء الجمعى باسم الدين. فعدد المسيحيين مثلا فى العالم هو عدد تلك العلاقة الخاصة مع الله وذلك غير الانتماء الجمعى باسم الدين أى دين. فالعلاقة خاصة أما الانتماء فهو عام. العلاقة الخاصة يحكمها رؤية وفكر وإيمان صاحب هذه العلاقة. أما الانتماء الجمعى هو الذى حول الدين إلى أيديولوجية باسم الدين وكل دين.
تديين القضية
وهذه الأيديولوجية غير الإيمان. فهى (الفكر المنغلق على رؤية بذاتها والإيمان بصحتها مع رفض أى فكر آخر حتى مع نفس الدين) هى التى تحرك وتسيطر على الانتماء الجمعى لأتباع أى دين. ويتدخل فى تحديد هويتها استغلالا للنص الدينى اجتهاد وتاريخ المؤسسات الدينية ويسيطر عليها مصالح التنظيمات التى تستغل الأديان لصالح تلك المصالح (السياسية غالبا) فتقود هذا الانتماء الجمعى فى كل زمان وكل مكان باسم الدين وفى الحقيقة باسم رؤيتهم واجتهادهم للنص الدينى تحقيقا لمصالحهم الذاتية ورؤيتهم السياسية والتنظيمية.
ودليل ذلك هذه الحروب وتلك والمواجهات العسكرية التى تمت وتتم على مدى التاريخ باسم الأديان والأديان منها براء. وللأسف نرى الآن هذا الاستغلال الدينى هو الصورة الظاهرة والمعلنة لتلك المواجهة بين حماس وإسرائيل. وقد حول كل طرف المواجهة وكأنها حرب ومواجهة بين المسيحية والإسلام.
وهذا تحقيقا لمصالح كل طرف منهم ليس على حساب الطرف الآخر بل على حساب القيم والمبادئ الدينية التى أرادها الله سلاما واستقرارا وأمانا للبشرية والإنسانية جمعاء.
مع العلم أن التعددية الدينية التى أرادها الله تثبت التأكيد وليس النفى كما يروج لذلك المستفيدون.
فالغرب الاستعماري الأمريكى الإسرائيلى وتحقيقا لمصالحه فى المنطقة يستغل الدينى لصالح السياسى، ويعزز هذا تلك القدرة العسكرية والاقتصادية التى تراكمت عبر استغلال الآخر الذى تم استعماره. وما نظريات صراع الحضارات وموقف أمريكا والغرب والمنحاز إلى إسرائيل غير تأكيد لذلك. وبالطبع كانت حماس كفصيل سياسى استغلالا لاسم الإسلام تستغل الإسلام أيضا وكأنها تدافع عن الإسلام. وكلاهما يدرك أن الأديان يدافع عنها الله وليس هؤلاء المستفيدون.
هنا هل فى صالح القضية الفلسطينية الآن وفى ظل تلك الظروف والواقع الفلسطينى المفتت والواقع العربى الضعيف (بسبب الانتهازيين الذين لا يعرفون غير مصالحهم الخاصة على حساب القضية وعلى حساب الجمع العربى)- طرح القضية واقتصارها على الجانب الإسلامى فقط؟ وهل هى قضية تأخذ اسم الإسلامي بسبب الدفاع عن الأقصى؟ أهى قضية مسيحية تحت مبرر الدفاع عن الأماكن المسيحية وهى الركن الأهم للمسيحية تاريخيا؟ هى بالفعل لمن يريد ذلك ولكن هى أيضا وهذا هو الأهم أنها قضية سياسية ووطنية وعالمية وإنسانية أولا وأخيرا.
كما أن التزيد فى هذا الطرح يجعل مسيحيي الشرق خارج المعادلة. مع العلم أن القيادات التاريخية والسياسية والدينية الفلسطينية من المسيحيين الفلسطينيين لا يستطيع أحد إنكار دورها التاريخى.. ومثل ذلك (المطران كابوتشى) الذى كان ينقل السلاح للمقاومة وتم الحكم عليه بالإعدام. وأين المسيحيون العرب بشكل عام ولماذا يتم إخراجهم من المعادلة. ولماذا نترك الفرصة لمزيد من الصراع الدينى الذى لن يدفع ثمنه سوانا فى المنطقة وهو ما يريدون؟ القضية ياسادة وخاصة فى ظل الظروف غير المواتية عربيا وإقيلميا ودوليا تحتم علينا إسقاط الأهداف والمصالح الخاصة السياسية والتنظيمية التى تستغل الدين وتستغل القضية لمصالحها على حساب القضية والمنطقة والتاريخ.. حمى الله مصر المستهدفة الآن وحمى شعبها العظيم الصابر.