حوارات و تقارير

جنكيز خان.. وحّد قبائل المغول و”هزمه” حب النساء

أميرة جادو

“جنكيز خان”، مؤسس أضخم إمبراطورية في التاريخ الإمبراطورية المغولية، واسمه الحقيقي “تيموجين”، ولد في شمال وسط منغوليا في عام 1162م تقريبًا، وقد اشتهر “جنكيز” بعد توحيده عددًا من القبائل المغولية والتركية كوحدة واحدة أصبحت الرعب العظيم الذي تأرخ في تاريخ أوراسيا.

بعد انشائه للإمبراطورية المغولية، بدأ “جنكيز”، حملة عسكرية غزا فيها القوقاز وخانات قراخيطان والدولة الخوارزمية وإمبراطورية جين وزيا الغربية. واستمر في توسيع إمبراطوريته حتى احتل أجزاءً كبيرة من الصين ووسط آسيا.

كما اشتهر “جنكيز” بحكمته وقدرته العسكرية على قيادة الجيوش، وقد تمكن في حياته من هزيمة التانجوت. وقبل موته قسم إمبراطوريته بين أبنائه وأحفاده وأوصى بخليفة له هو أوقطاي خان.

حرص جنكيز خان على تأسيس إمبراطورية متطورة، فقد اعتمدت إمبراطوريته الأبجدية الأويغورية بوصفها نظام كتابة. كما دعا إلى التسامح الديني بين سكان إمبراطوريته. وكان ولا زال له أثر كبير في نفوس المغول حاليًا، باعتباره الأب المؤسس لدولة منغوليا.

نشأة جنكيز خان وعائلته

ولد جنكيز خان بين عامي 1162م و1167م، وهو الابن الأكبر ليسوكـي شيخ قبيلة “كياد” ورئيسها. وهي من قبائل المرتبة الأولى عند المغول في أصالة النسب، وقد ولد في دولن – بولداق التي تقع على يمين مجرى نهر أونون. أقصى شرق الاتحاد الروسي اليوم.

سمي جنكيز خان بـ “تيموجين” تيمنًا باسم قائد أحد القبائل التي كان والده على تنازع دائم معها وانتصر عليها في يوم ميلاد جنكيز.

مات والد “جنكيز” في عام 1175 ميلادية على يد التتار، وتركه وهو ابن الثالثة عشر. وترك له زعامة “كياد”، ولصغر سنه لم يتمكن من ذلك، فتولى زعامة القبيلة رجل آخر.

وفقدت عائلته السلطان والجاه والغنى وعاشوا فقراء يتذوقون مرارة الجوع والحرمان في سفوح كنتاي إلى أن اشتد عود الصبي وإخوته. وكانوا خلال حياتهم تلك قد تعلموا الصيد وركوب الخيل والرماية. فاستطاع بشجاعته أن يجعل القبائل تثق به كقائد كما عمل على إرجاع أقاربه لقبائلهم وفرض سيطرته عليهم ونجح في جعل الولاء له، وتزوج من بورته أوجين.

تمكن “جنكيز” بدعم من والدته له ولإخوته من جمع بعض القبائل حوله. وله ما له من علامات القيادة والرئاسة والشراسة والصلابة.

فاستطاع “جنكيز” بمساعدة عدد من القبائل التي دانت له بالولاء من إرجاع المنشقين عن القبيلة إلى قبيلتهم تحت الإجبار. وظل في نزاع مع عدد من القبائل الرافضة للإنضواء تحت قيادته إلى أن انتصر على قبيلته قيات. ودانت له بالولاء الكامل وهو لم يصل العشرين من عمره.

تنبأ كهنة المغول لـ “تيموجين” بأنه سيكون ذا شأن فانتشر الخبر بين العشائر والقبائل المحيطة. مما دفع أمراء المرتبة الأولى من المغول من أصحاب الدم النقي، وأصالة النسب إلى مبايعته خانًا للمغول.

وفي ربيع عام 1206م، جمع رؤساء قبائل المغول التابعة له في مجلس عام، ونصّب نفسه خانًا أعظمًا على جميع من يسكنون الخيام في منغوليا وما جاورها. وخلال نفس المجلس أعلن عن خطته لفتح خارج منغوليا، وإنشاء إمبراطورية المغول العظمى.

شكل جنكيز خان

حاول الكثير رسم صورة لـ “جنكيز خان” ووصفه فيها ممن شاهدوه، فكان طويل القامة، أبيض البشرة. وكانت له جبهة عريضة ومنكبان قويان، وكانت عيونه تشبه عيون القط، وفي أخر أيامه كانت له لحية طويلة. عرف بخشونته نتيجة الحياة التي عاشها في طفولته، وكان يتمتع بحيوية غير عادية. وبقي حتى سن متأخرة من عمره يتمتع بالقوة والنشاط.

حكم جنكيز خان وانتصاراته

بعد إعلان جنكيز خان نفسه خانًا أعظمًا، استمر في توسيع إمبراطوريته على حساب المناطق المجاورة حتى بسط سلطانه على مناطق شاسعة من إقليم منغوليا. وقد امتدت إلى صحراء جوبي التي يسكنها عدد كبير من قبائل المغول، ثم تصارع وحليفه زعيم قبيلة الكراييت عام 1203م وانتصر عليه.

وسيطر “جنكيز” على قرة قورم عاصمة الكراييت وجعلها عاصمة لملكه، وبعد ثلاث سنوات، وحّد منغوليا كاملة تحت حكمه. ومن بعدها اتجه من الخارج إلى الداخل للنظر في الشؤون الداخلية لمملكته، وإصلاحها من الداخل.

وفي عام 1206م، أسس مجلسًا للحكم، وفيه أعلن نظام الحكم، ودستور منغوليا المعروف بقانون إلياسا، ملزمًا جميع أجهزة الدولة بتطبيقه. أما عن حكمه وانتصاراته فله فيها تاريخ عظيم، بعد أن أسس جيشًا بدأ ب20,000 جندي، أنشأه بشراسته وتكتيكاته العسكرية.

ديانته

والجدير بالإشارة أن جنكيز خان لم يتبع أي ديانة، ولم يكن له أي ميول ديني محدد، وهو ما خالفه أولاده فيه. فتبع كل واحد منهم رغبته في التديّن؛ فكان من أولاده المسلم، ومنهم النصراني، ومنهم من كان من الوثنيين.

إلا أن الديانة المغولية كانت قائمة على عبادة الطبيعة ومظاهرها وبالخصوص الشمس، وكانت تسمى “بالشامانزم”، ولكنها كانت ديانة ضعيفة، وهذا ما جعل المغول يتجهون إلى ديانات أخرى، خاصة مع فتوحات بلاد المسلمين، وفتوحات روسيا.

إلا أن سياسة التسامح الديني التي اتبعها جنكيز خان سمحت بانتشار الإسلام بين شعبه فيما بعد بجهود الخاقان جوجي خان أكبر أبناء جنكيز خان. فكان اعتناق الإسلام طريقًا سلسًا لمن أراد.

هزمته امرأة

وتذكر الروايات أنه خسر معركة حاسمة ذات مرة بسبب امرأة أوقعته في شباكه وتبين لاحقا أنها جاسوسة زرعها أعداؤه في قصره، وكانت تتمتع بمعايير الجمال التي يحبذها، ووقع في حبها سريعا.

أما هي فكانت تنقل ما يحدثها به جنكيز ليلا لخدم بالقصر كانوا يعملون لصالح سيدها، وبذلك تسربت أسراره العسكرية لتطيح به في حادثة نادرة، وهو الذي تعد إمبراطوريته الأكبر في التاريخ، ودماره ومذابحه من بين الأشنع.

سقط جنكيز في شباك تلك الجاسوسة وغرق في جمال أنفها الصغير وشعرها الطويل وصوتها العذب، في قصة عشق كلفته الكثير قبل أن يتفطن إلى حقيقتها ويعدمها حين كانت تتأهب للهروب من القصر

وفاة جنكيز خان

تذكر بعض المصادر أن جنكيز خان توفي قريبًا من مدينة تس جو، وذلك في 25 أغسطس من عام 1227م. وتم دفنه في منغوليا، دون الإفصاح عن مكان دفنه وقبره مخلّفًا وراءه على العرش ابنه أوكتاي. ويذكر في سبب وفاته أنه مات مريضًا، بعد أن سقط عن ظهر جواده وهو في رحلة صيد. إذ كانت رحلته الأخيرة بعد أن عاقب مملكة الطانعوط لأنها رفضت إرسال جيشها لمشاركته في قتال الخوارزميين. وكان جنكيز خان قبل وفاته قد جمع أبناءه حوله، وأوصى بولاية أوكتاي على العرش من بعده، فوافق أبناؤه على اختياره. وكان جنكيز خان قبل وفاته قد وزّع الإمبراطورية بين أبنائه على أن يبقى الحكم بين أفراد الأسرة الحاكمة حسب الأعراف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى