شريان الحياة.. مظاهر الاحتفال بوفاء النيل في مصر على مر العصور

أسماء صبحي
يعتبر الاحتفال بوفاء النيل (تخليق المقياس وكسر الخليج) من أكبر وأعظم الاحتفالات بمصر إن لم يكن أعظمها بالفعل. وهو “يوم مشهود وموسم معدود ليس له نظير في الدنيا”. واعتبره المؤرخون من المحاسن والفضائل التي اختصت بها مصر والقاهرة وأهلها وما شاركها فيه غيرها من الأمم. وقد احتفل به المصريون منذ فجر التاريخ وتوارثوه عبر الأزمان حتى بطِل منذ وقت قريب.
الاحتفال بوفاء النيل
وكان الاحتفال في مصر مهرجاناً قومياً شاركت فيه عناصر الأمة جميعاً – بكافة طبقاتهم الاجتماعية وطوائفهم ابتداءاً من السلاطين وانتهاءاً بالعامة. وكان الاحتفال في العصرين المملوكي والعثماني امتداداً لبعض مظاهر الفخامة والعظمة والثراء التي كانت سائدة أيام الفاطميين والذي كان احتفالهم بذلك المهرجان يفوق الوصف.
وقد حافظ خلفائهم في الحكم – الأيوبيين – على كثير من المظاهر بالرغم من أن فترة حكمهم لم تكن تسمح بذلك، لأنها امتازت بالحروب والفتن في أغلب فتراتها. وبالرغم من ذلك فإن الاحتفال زمن المماليك لفت نظر الرحالة الذين زاروا مصر آنذاك. ومنهم “دومينكو تريفزيان”، عندما كان على رأس سفارة كبيرة لدى السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري سنة 918هـ/1512م.
وحينما شاهد الاحتفالات التي أقامها المصريون في هذه السنة بوفاء النيل علق على ذلك بقوله: “الواقع أن لهم الحق في كل ذلك لأننا نستطيع أن نؤكد أن حياة مصر كلها تتوقف على فيضان النيل. وإليه مرجع الثروة الطائلة التي نشاهدها في مصر”.