حوارات و تقارير

أعاد رسم ملامح المملكة..  رحلة التأسيس وبناء الدولة السعودية من الدرعية إلى النهضة الحديثة

تواصل المملكة العربية السعودية تعزيز هويتها الوطنية من خلال إحياء يوم التأسيس الذي يوافق 22 من شهر فبراير كل عام، حيث يجسد هذا اليوم رمزية كبرى في الوعي السعودي، إذ يعود إلى عام 1727 حين تولى الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية، ليبدأ بذلك مسيرة بناء الدولة السعودية الأولى.

ماذا يعني يوم التأسيس السعودي

يرى المؤرخون أن هذا اليوم يمثل لحظة استحضار للعمق التاريخي وإبراز للإرث السياسي والثقافي الذي تأسست عليه المملكة، ويعد بمثابة إعادة قراءة واعية للتاريخ وفهم دقيق لسياقه وأبعاده، فالمملكة منذ نشأتها ظلت دولة عربية صافية، تجمع بين قيادة حازمة وشعب وفي، وتمكنت عبر قرون من دحر أي محاولات للتدخل الأجنبي.

تحدثت الدكتورة منال بنت عواد المريطب، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الملك عبدالعزيز، عن أهمية يوم التأسيس في تعزيز روح الانتماء الوطني، وتأكيد جذور الدولة الضاربة في عمق التاريخ، و أشارت إلى أن الإمام محمد بن سعود نجح منذ توليه الحكم في بسط الأمن وإرساء قواعد الوحدة، معتمداً على رؤية سياسية ناضجة حافظت على تماسك المجتمع وازدهاره.

وسلطت الدكتورة الضوء على أن اختيار يوم 22 فبراير جاء بناءً على أحداث تاريخية مهمة وقعت في عام 1139 هجري، حيث واجهت الدرعية تحديات سياسية انتهت بتولي الإمام محمد بن سعود الحكم، فكان ذلك التاريخ بداية فعلية لتأسيس الدولة السعودية، واعتبرت أن هذه المرحلة كانت حاسمة في تثبيت الاستقرار الداخلي، وتهيئة البيئة لاستقبال دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لاحقاً.

كما شددت على أن مفهوم الدولة في جزيرة العرب لم يكن وليد اللحظة، بل سبقه حلم طويل راود أذهان عقلاء الجزيرة، ومن بينهم الأمير مانع المريدي مؤسس الدرعية، الذي وضع الأساس لكيان سياسي واقتصادي مستقل يشبه نماذج دولة المدينة القديمة مثل أثينا ومقدونيا.

الدور البارز للمرأة في مجتمع التأسيس

وركزت في حديثها على الدور البارز للمرأة في مجتمع التأسيس، حيث كانت زوجة الإمام محمد بن سعود، موضي بنت أبي وهطان، مستشارة موثوقة في شؤون الدولة، وأسهمت في أعمال الخير وبناء الأوقاف، أبرزها سبالة موضي، كما ذكرت أسماء نسائية أخرى مثل غالية البقمي التي قادت الدفاع عن تربة، وموضي الدهلاوي التي حفزت المدافعين بشعرها الحماسي، وفاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب التي علّمت الرجال والنساء العلوم الشرعية من وراء ستار.

أشارت المريطب إلى أن الحياة العلمية ازدهرت في الدولة السعودية الأولى، حيث انتشرت المدارس والمكتبات، وبرز علماء ونساخ وخطاطون تركوا إرثاً علمياً وثقافياً عظيماً، وكان أئمة الدولة مثالاً يحتذى في طلب العلم، إذ حضروا مجالس العلماء بأنفسهم وشجعوا على نشر المعرفة.

واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن المملكة اليوم تعيش مرحلة ازدهار غير مسبوقة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وأكدت أن هذا الامتداد الطبيعي للدولة السعودية يعكس وحدة الشعب وولاءه العميق للقيادة، في وطن ينعم بالأمن والاستقرار ويتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً في ظل رؤية تنموية شاملة تحتضن التاريخ وتبني الحاضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى