جامع الأقمر: تحفة معمارية تضيء شارع المعز بالقاهرة
دعاء رحيل
جامع الأقمر.. إذا كنت من محبي التاريخ والفن الإسلامي. فلا بد أن تزور جامع الأقمر، أحد أجمل وأقدم المساجد الفاطمية في القاهرة. والذي يقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي، على مدخل شارع النحاسين، بجوار بئر العظام. والذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي.
في هذا المقال، سنتعرف على تاريخ ومعالم هذا المسجد الفريد. وسنستمتع بجمال زخارفه ونقوشه التي تشبه أشعة الشمس، وسنكتشف سر تسميته بالأقمر. وسنتابع مراحل ترميمه وحفظه عبر الزمن.
من هو مؤسس جامع الأقمر؟
بنى جامع الأقمر الوزير المأمون بن البطائحي بأمر مباشر من الخليفة الفاطمي الأمر بأحكام الله عام 519 هـ / 1125 م، وكان هذا الوزير من أصول عراقية. وكان له شأن كبير في دولة الفاطميين، فقد شغل منصب رئاسة ديوان المظالم، وكان متصوفًا ومحبًا لآل البيت.
وقد أحضر المأمون أفضل المهندسين والبنائين في ذلك الوقت لإنشاء هذا المسجد. والذي يعد أول مسجد بنِيَ في القاهرة، وكان يستخدم كجامع للجمعة، وكان يضم مكتبة ضخمة بها كتب نادرة في مختلف العلوم.
ما هي معالم جامع الأقمر؟
جامع الأقمر يتميز بواجهته المبهرة التي تحوي زخارف ونقوش فريدة من نوعها، فتجدها تتزين بسبعة أشكال لشموس مختلفة تحمل في ثناياها اسم الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحولها حلقات نقش عليها بالخط الكوفي آية من سورة الأحزاب: “إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا”.
وتبرز في وسط الواجهة طاقة كبرى تعلو الباب الرئيسي للمسجد، وتحمل في مركزها نقش لاسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى جانبيها برجان يتناسقان مع المظهر العام للواجهة.
ويقال إن تسمية المسجد بالأقمر جاءت نظرًا للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر، والتي كانت تستخدم لأول مرة في بناء المساجد، وكانت تضيء في المساء بضوء الشموع والمصابيح.
أما داخل المسجد، فيتكون من صحن صغير مشربع يحيط به رواق واحد من ثلاثة جوانب، وثلاثة أروقة في الجانب الجنوبي الشرقي، أي في إيوان القبلة، وعقود الأروقة محلاة بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة.
ما هي مراحل ترميم جامع الأقمر؟
بعد انتهاء الدولة الفاطمية، عانى جامع الأقمر من الإهمال شأنه شأن العديد من المساجد التي أهملتها الدولة الأيوبية متعمدة، حتى عاد لدائرة الاهتمام مرة أخرى في عهد الدولة المملوكية. وبالتحديد في عهد السلطان برقوق عام 799 هـ / 1397 م، بواسطة الأمير أبو المعالي بلبغا. والذي عرف عنه التصوف وحب آل البيت.
فأعاد الحياة لجامع الأقمر، وجدد المئذنة والمنبر وحوض الدواب المجاور له. وأقام بركة مياه معلقة في الصحن، وسجل ما فعله من تجديدات أعلى المحراب والمنبر.
ثم شهد المسجد عدة مراحل ترميم بعد ذلك منها عبر لجنة حفظ الآثار العربية التي حافظت على زخارفه عام 1928. وأجرى المجلس الأعلى للآثار ترميمًا آخر للمسجد وأزال المباني التي حجبت واجهته عن المارة.
جامع الأقمر هو شاهد حي على تاريخ وفن الفاطميين في مصر وهو يستحق الزيارة والإعجاب بروعة تصميمه وزخارفه، كما يروي لنا قصصًا عن أشخاص ساهموا في إنشائه أو تجديده أو حفظه، فلا تفوت فرصة رؤية هذه التحفة المع