قبيلة الأجدار.. آخر البونيقيين في شمال إفريقيا| اعرف قصتهم
دعاء رحيل
قبيلة الأجدار.. هي قبيلة عربية تنحدر من بني قطوبيم أو القطوبيين Cotopites، وهم أحد الشعوب البونيقية التي سكنت شمال إفريقيا قبل الفتح الإسلامي. يرد اسمهم في اللغة البونيقية بعبارة جدريم قطوبيم (GADARIM QATOPIM)، وهو ما يعني “الأجدار من بني قطوب” . يعتبرون آخر قبيلة بونيقية لا زالت مستمرة حتى اليوم بشمال إفريقيا، ولهم تاريخ عريق ومجد في المقاومة ضد الرومان والفاتحين الإسلاميين.
أين يسكن قبيلة الأجدار؟
قبيلة الأجدار تسكن في منطقة تسمى تيرت (Tiaret)، وهي مدينة تقع في وسط غرب الجزائر. كانت هذه المدينة عاصمة مملكة لجدار (Lugdara)، التي أسستها في القرن الثالث الميلادي، بعد أن أشعلت ثورة ضد الرومان تعرف باسم ثورة الدوارين (Donatists) . كانت مملكة لجدار تضم عشرات المدن والحصون، وكانت تحتفظ بثقافتها وديانتها البونيقية، رغم التأثيرات المسيحية والبربرية المحيطة بها.
ما هو دورها في التاريخ؟
قبيلة الأجدار لها دور بارز في التاريخ، فهي من المقاومين للرومان والفاتحين الإسلاميين. في عهد الرومان، كانت قبيلة الأجدار تشكل جزءا من حركة دوناتية (Donatism)، وهي حركة مسيحية احتجاجية ضد سلطة الكنيسة الرومانية، واتهمتها بالخروج عن التعاليم المسيحية . وكانت تؤمن بأنها خلفاء للإخوان المكابر (Maccabees)، وهم شخصيات يهودية قاتلت ضد الإغريق في فلسطين . وكانت تقاتل الرومان بشراسة، وتنفذ عمليات اغتيال وتخريب ضد ممتلكاتهم وكنائسهم. كانت تحظى بدعم من البربر والقبائل الأخرى التي كانت تعاني من الظلم والضرائب الرومانية.
في عهد الفتح الإسلامي، كانت قبيلة الأجدار تعتبر من أشد المعارضين للمسلمين، وكانت ترفض دخول الإسلام والانصياع للخلافة. كانت قبيلة الأجدار تحارب المسلمين بشجاعة، وتستخدم تكتيكات الحرب النفسية والاستنزاف. وكانت تحاول الحفاظ على هويتها وديانتها البونيقية، وتعتبر نفسها أهل الكتاب، وأن لها عهدا مع الله . كانت تقوم بحملات غارات ونهب ضد المسلمين، وتستولي على أسرى وغنائم. كانت تقاوم المسلمين حتى نهاية القرن الثامن الميلادي، حيث اضطرت إلى التسليم للخلافة العباسية، بعد أن هزمها زعيمها بكر بن الواحد (Bakr ibn al-Wahid)، وهو من أشهر شخصياتها في التاريخ .
ما هو مصيرها؟
لا زالت موجودة حتى يومنا هذا، ولكنها فقدت معظم خصائصها وثقافتها البونيقية. بعد التسليم للخلافة العباسية، اضطرت قبيلة الأجدار إلى دفع جزية، والاندماج مع المجتمع المسلم. كثير من أفرادها اعتنقوا الإسلام، واتخذوا أسماء عربية، وانسابوا إلى قبائل عربية أخرى. بعض أفرادها هاجروا إلى مناطق أخرى من شمال إفريقيا، أو إلى أوروبا، أو إلى جزيرة صقلية . لا زال هناك بعض المظاهر التي تشير إلى أصولها، مثل اسم المدينة التيرت (Tiaret). والذي يعود إلى اسم مملكة لجدار (Lugdara) . كذلك، هناك بعض المعالم التاريخية التي تشهد على حضورها، مثل جدور (Djeddars)، وهي أبراج دائرية من حجر تقع في محافظة تيرت (Tiaret)، والتي يُعتقد أنها تعود إلى عصر الأجدار، وتستخدم كمقابر أو معابد . بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأساطير والحكايات التي تروي عن بطولات قبيلة الأجدار، ومقاومتها للرومان والمسلمين.