إسنا “حسناء الأقصر”.. شاهدة على العصر القبطي
يعتبر اسم “الحسناء” هو أول اسم لـ مدينة إسنا الواقعة جنوبي الأقصر، في العصر القبطي، والتي تضم بداخلها قرى يعود تاريخها إلى عصور قديمة، منها مازال محتفظًا بذات الاسم، ومنها ماحٌرفت أسمائها مع الزمن، وفي هذا الصدد قال محمد محيي، مسؤول إدارة الوعي الأثري بالأقصر؛ إن هذه المدينة الجنوبية أخذت اسم “سنا أو سني” أو “إسنا وسيانة” خلال فترة العصر القبطي، لكن بعد مجيئ العرب، لم يكن مرغوبًا في لفظ “سيانة” فاكتفوا باسم “إسنا” بمعنى الحسناء، لم يكن اسم المدينة فقط هو القديم بل إن إسنا تحفظ بين جنباتها حضارات متنوعة تتشكل في مزارات مازالت باقية تشهد على أصالة تاريخها.
معبد الإله خنوم.. أيقونة الإبداع المصري القديم والبطلمي
تم إنشاء معبد إسنا على أطلال معبد قديم يعود إلى عصر تحتمس الثالث، خاصة بعد عثور نقوش تحمل اسم الملك بالمعبد، أما الحالي فقد صُمم في عهد الملك بطليموس والملقب بـ”فليوماتر” أي المحب لأمه، ثم أضيف إليه قاعة أساطين في العصر الروماني.
وفي سياق متصل أكد الدكتور أحمد حسن، مدير آثار إسنا وأرمنت، إن المعبد تم تكريسه لعبادة المعبود خنوم الذي مثل برأس كبش وجسد إنسان، ويعرف باسم خالق البشر من الصلصال، وزوجاته “منحيت ونيبوت”، مشيرًا إلى أن المعبد يعد من أجمل وأهم المعابد في مصر ويتكون من 24 عمودًا ويختلف تاج كل عمود عن الآخر ما يعكس عبقرية الفنان المصري في هذه الآونة.
ويلفت إلى أن المناظر الداخلية للمعبد تتعلق أغلبها بالديانة والعقيدة في تلك الفترة وتتكون من مؤلفات دينية ونصوص عن خلق العالم وأصل الحياة، بالإضافة إلى التضرعات والتراتيل الدينية وأعياد الأله خنوم ومناظر فلكية ومناظر تأسيس المعبد ومناظر سحرية تمثل صيد وقتل الأرواح الشريرة وهزيمة الأعداء.
مئذنة المسجد العمري.. أهم مآذن مصر الفاطمية
تعتبر مئذنة المسجد العمري بإسنا واحدة من أهم مآذن مصر الفاطمية، وعلى غرارها تم تأسيس مآذن الوجه القبلي، ولجمالها خُصص لها طابع بريد استمر خلال فترة الجمهورية العربية المتحدة، بحسب محمد محيي، مسؤول الوعي الأثري بالأقصر، لم تكن مئذنة الجامع العمري مخصصة فقط للأذان، بل كانت عاملًا مهمًا في رد الخطر الخارجي نحو الصعيد، إذ كانت المئذنة تستخدم كإشارة لتنبيه الثكنات العسكرية.
واختتم مدير آثار إسنا وأرمنت حديثه قائلا: كانت تُشعَل النار من مئذنة المسجد العمري بإسنا كصافرة إنذار بوجود خطر قادم، ثم تتبعها المآذن المجاورة بذات الإنذار، إلى أن تصل الإشارة للقاهرة الفاطمية آنذاك، التي تُرسل المُدد للمساعدة في رد الخطر، وفي عام 1992 أحدث الزلزال ميلًا بالمئذنة، لكن يقول محيي إن الميل الذي أحدثه الزلزال بالمئذنة، جعلها إحدى أهم المنشآت المميزة والنادرة، إذ ظلت محتفظة بميلها في شكل ثابت حتى بعد إزالة الصلبات الحديدية التي أُسندت للمئذنة.