من وحي مسلسل الغاوي.. هل عرف المصريين القدماء غية الحمام؟

أميرة جادو
يظهر النجم أحمد مكي في الحلقة الأولى من مسلسل “الغاوي” مجسدًا شخصية تاجر حمام يعيش في أحد الأحياء العتيقة بالقاهرة، يعشق هذا التاجر تربية الطيور، حيث يعتني بالحمام الخاص به ويجمعه مع حمام ابن شقيقته، استعدادًا للذهاب إلى السوق وإطلاق الحمام للطيران مع بقية التجار في الأحياء الشعبية، في مشهد يعكس تقاليد مصرية متوارثة في تربية الطيور.
مسلسل الغاوي
تدور أحداث مسلسل “الغاوي” في إطار شعبي شيق، حيث يُسلط الضوء على شخصية شمس العدوي، الذي يقطن أحد أحياء القاهرة القديمة، ويقرر التوبة وترك حياة البلطجة والعمليات الإجرامية التي كان يشارك فيها مع مجموعة من أصدقائه، غير أن حياته تأخذ منعطفًا غير متوقع، بعد تعرض أحد أصدقائه للظلم، ليجد نفسه أمام صراع داخلي بين ماضيه ورغبته في التغيير.
الغية.. هواية فرعونية أصيلة تنبض في قلب القاهرة
تعود أصول “الغية” وتربية الحمام إلى العصور الفرعونية، حيث وثقت النقوش القديمة على جدران المعابد وجود الحمام كجزء من الحياة اليومية، وقد كان المصريون القدماء يستخدمون الحمام الزاجل كوسيلة لنقل الرسائل، واستمرت هذه العادة على مر العصور.
من الفاطميين إلى المماليك.. ازدهار الغية في العصور الإسلامية
شهدت هواية تربية الحمام ازدهارًا ملحوظًا خلال العصور الإسلامية، لا سيما في العهدين الفاطمي والمملوكي، وكانت أبراج الحمام تزين القصور والمساجد، فيما استخدم الحمام الزاجل كوسيلة اتصال فعالة بين المدن، وظل هذا التقليد قائمًا حتى العصر الحديث، متحولًا إلى أحد أركان التراث الشعبي المصري، وخصوصًا في المناطق الريفية والشعبية حيث تنظم سباقات ومنافسات بين الغواة.
عشاق الحمام وصناع التراث الشعبي
يطلق على ممارسي هذه الهواية لقب “الغواة”، حيث يقيمون أبراج الحمام أو ما يعرف بالـ”غيات” فوق أسطح منازلهم لتدريب الحمام على الطيران والعودة، ولا تقتصر الهواية على التربية فقط، بل تشمل منافسات مشوقة كسباقات سرعة الحمام الزاجل واستدراج الطيور من أبراج الغواة الآخرين، وهي تقاليد متعارف عليها في الأوساط الشعبية.
والجدير بالذكر أنه بالرغم من جذورها التاريخية العميقة، تواجه الغية تحديات عديدة في العصر الحديث، أبرزها تناقص المساحات السكنية وتغير نمط حياة الأجيال الجديدة، التي باتت تنجذب أكثر إلى التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية، ومع ذلك، لا تزال هناك قلة من الغواة المحافظين على هذا التقليد، يسعون جاهدين لنقل خبراتهم للأجيال القادمة، كما أسهمت بعض الأعمال الدرامية، مثل مسلسل “الغاوي”، في إحياء هذه الهواية وتسليط الضوء عليها من جديد.