«سكت الكلام و السمسمية اتكلمت».. عادات أهالي بورسعيد في ليلة الحظ ومن هم الصحبجية؟
أميرة جادو
تشتهر محافظة بالسمسمية، فحين تزورها تشعر بأنك تسمع السمسمية من مكان بعيد في كل أرجاء المدينة.. في سيارات التاكسي وفي الكافيهات والمطاعم، ستستمتع إلى الأغنيات التي يستمع إليها المصريون في كل مكان، قديمها وحديثها، وصولا إلى المهرجانات” والراب، لكنك مع ذلك تشعر وكأن في الخلفية صوت السمسمية وأغاني الضمة الشهيرة، وكأنها شريط صوت حي ودائم لبورسعيد، في البازار القديم والسوق الجديد، في المعدية لبور فؤاد، وفي مدخل قناة السويس، وعلى واجهات المباني التراثية في المدينة.
الضمة البورسعيدي
يقدر أبناء وأهل بورسعيد الضَمة، وبالرغم من اختلاف أجيالهم الا انهم يجتمعون على صحبجية، وإذا حالفك الحظ لحضور ضمة في مقهى أو في السوق أو في مركز ثقافي في بورسعيد، فإنك ستجد أطفالا يقولون دور مع العازفين، وفي الأفراح رغم “الدي جي”، فلابد من أغاني “الضمة”، في افتتاح المحلات التجارية وغيرها، لابد من الضمة، في الاحتفالات بأعياد النصر وبأعياد الميلاد والسبوع والطهور، لابد من الضمة والسمسمية.
من هم الصحبجية؟
ويطلق أبناء بورسعيد على ليالي الضمة “ليلة حظ”، والضمة من اسمها هي الجلسة التي تضم العازفين والمغنين والصحبجية، والصحبجية هم من يواظبون على حضور “ليالي الحظ”، ليس فقط كـ”سميعة”، لكن يرددون مع الريس (كبير الفرقة) والمطربين الأدوار والأغاني التي تغنى على آلة السمسمية والطنبورة وباقي الآلات مثل الدف والرق والمثلث والناي والصاجات.
يقوم “الصحبجي” بحفظ الأغاني والأدوار القديمة، أغني السمسية والضمة التراثية، ويرقص ويلاغي المغنون، والصحبجي مقدر في المجتمع البورسعيدي بقدر ما يحفظه من أغان وأدوار، وبقدر تفاعله مع الضمة، والبورسعيدي ينهي عمله أيا ما كان، ويذهب إلى الضمة، يستمع ويغني كصحبجي أو يغني كعضو في الفرقة أو يعزف على آلته، ذلك أن أغلب أعضاء الضمة ليسوا متفرغين.. صيادون وموظفون في الحكومة وعمالا وسائقين، كل الفئات، طالما أنك تحفظ وتغني فأنت ابن الضمة وابن الحظ و”الحظ بظروفه” كما يقولون.
تأثير التغيرات الاقتصاية على مدن القنال
التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي شهدتها مدينة بورسعيد ومدن القنال عموما، أثرت بشكل كبير على الضمة.
فرقة الطنبورة البورسعيدية
ومع بداية منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات، استيقظت رغبة قوية مخلصة في الحفاظ على تراث السمسمية والضمة، والعودة بها إلى حيث أصلها، كنشاط اجتماعي وفني جماعي لأهل بورسعيد، واحدة من أهم وأقدم هذه المبادرات للحفاظ على تراث الضمة كانت للريس زكريا إبراهيم مؤسس فرقة “الطنبورة”.
ومن بعدها مركز “المصطبة” للحفاظ على التراث الغنائي الشعبي المصري، وله الفضل في أن يتعرف جمهور القاهرة والمدن المختلفة على الطنبورة وأغنياتها من خلال الحفلات العديدة التي ينظمها، بل ويتعرف العالم على هذا التراث بفضل الحفلات الخارجية لفرقة “الطنبورة” التي جابت العالم كله تقريبا لتقدم هذا الفن البورسعيدي التراثي.