تاريخ ومزارات

قرية إيرانية شوارعها فوق سطوح المباني.. أعرف الحكاية 

أميرة جادو

قرية غريبة عالقة على الجبال غرب مدينة رشت عاصمة محافظة غيلان الإيرانية، اثناء سيرك ستجد ان الشوارع فوق أسطح المنازل التي في الاسفل، حيث تقع المنازل مدرجة على منحدر جبل، مكسوة بالأزهار والورود، مشكّلة قرية جميلة هادئة يُطلق عليها اسم “ماسولة”، قرية عانقت الأشجار الخضراء وتدثرت بالسحاب.

تصميم هندسي فريد

تقع القرية على بعد نحو 60 كيلومترًا من رشت وسط مقاطعة غيلان. تقع قرية رائعة تنبض بالحياة مساحتها 100 هكتار على سفح شاهق يبلغ ارتفاعه 1050 مترًا فوق مستوى سطح البحر، قرية يعود تاريخها إلى أكثر من ألف سنة.. جمعت بين التاريخ والحضارة والطبيعة والثقافة.

تتزين القرية الجبلية المعلقة في أغلب أوقات اليوم، بالثلوج البيضاء والضباب.. وتتزين بألوان زاهية منحتها إيّاها الأشجار الباسقة وجدران البيوت المدرجة والورود المفتحة على شرفات المنازل.

شوارعها أسطح للمنازل

وأكثر ما يجذب السياح إلى قرية ماسولة تصاميمها الهندسية الفريدة وهيكل الدرج المتبع في بناء البيوت.. فالانحدار الشديد الناتج عن تفاوت الارتفاع داخل ماسولة، دفع الأهالي إلى ابتكار طرق جديدة للاستفادة من تلك المنحدرات.

والجدير بالإشارة، تم اختيار الموقع والارتفاع بناء على تخطيط محكم بعيدًا عن العشوائية، فالبناء على مستويات أقل من ذلك كان سيجلب معه خطر الفيضانات الدائم.. والشتاء الإيراني كان سيجعل الطقس باردًا جدًا بحيث لا يمكن تحمله، ويتيح موقع القرية الحاليّ التعرض الأمثل لأشعة الشمس ودرجة الحرارة بالإضافة إلى الحماية.

سر تصميم المنازل

 

واستطاع السكان الوصول إلى تصميم هيكل الدرج.. يتمثل في استقرار الفناء الأمامي لكل بناء سواء كان منزلًا أم مطعمًا أم حتى أجزاء من السوق التجاري، على سطح البناء المشيد تحته. أي أن البناءات توجد فوق بعضها، إذ يؤدي سطح البناء السفلي دور الفناء العلوي لمنزل أو مبنى آخر أعلى منه، فيما تكون مداخن المنازل السفلية ضيوف الأفنية العلوية.

هنا يمكن أن نكتشف الأمر الأكثر غرابة على الإطلاق وهو استخدام ماسولة البارع للفضاء العام. إذ تتخذ جميع أسطح المباني كساحات فناء وحدائق وشوارع عامة للسكان في المستوى أعلاه، وتربط السلالم المتعرجة والأزقة الضيقة والممرات شرفة بأخرى.  وترتفع القرية كمساحة عامة ضخمة مترابطة ومتعددة المستويات يتقاسمها المجتمع بأكمله، وكل درج ضيق في القرية مجهز أيضًا بمنحدر. لكن فقط لاستيعاب عربات اليد التي يستخدمها السكان المحليون لنقل البضائع.

الجمال والهيبة يجتمعان في قرية ماسولة أعالي جبال ألبرز، منازل صفراء مبنية من الطوب الطيني تكتنفها تلال خضراء متدثرة بسحابة من الضباب. وعادة ما يفتح الأهالي نافذةً كبيرةً وواسعةً في جدران الغرف الأمامية للسماح بدخول ضوء الشمس لتدفئة البيت.. فيما يكسو الطين الأصفر السطح الخارجي لمعظم المباني وهو ما يسمح برؤية أفضل في الضباب.

بالإضافة إلى ذلك، يحرص الأهالي على بناء غرفة شتوية معزولة خلف منازلهم القديمة بجدران طينية سميكة. حيث تستعمل عندما تشتد برودة المكان ويبدأ الثلج في التساقط، فهي عادة ما تكون أدفأ من باقي غرف المنزل.

تعتبر زخرفة البلاط جزءًا من الفنون الهندسية في المباني التقليدية لقرية ماسولة التاريخية. فقد اعتمد الأهالي خططًا خاصةً لإنشاء مناطق جذب بصرية في جدران المعالم الأثرية، أحد هذه الحلول القيمة هو أنماط الزخرفة الهندسية المتنوعة.

 

 واجهة سياحية مميزة

اشتهرت ماسولة قديمًا، كمركز للتجارة حيث أتى إليها الناس من شتى أطراف المنطقة لبيع بضاعتهم. ذلك أنها تطورت حول منجم للحديد وسرعان ما نمت لتصبح مركزًا تجاريًا مزدهرًا مع التجارة التي تدور حول صناعة الحديد. إلا أنها الآن تحولت إلى وجهة سياحية مميزة، حيث تستقبل آلاف السياح من داخل إيران وخارجها للتمتع بجمالها الطبيعي وهندستها المعمارية المميزة.

عند تجولك بين شوارع القرية المائلة وممراتها الضيقة ومتاجرها التقليدية. حيث ستكتشف جمالًا طبيعيًا قلّ نظيره وستنعم بفرصة العودة قليلًا إلى الزمن القديم ومشاهدة مخلفات وبقايا تاريخية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى