احتفالات بدو مطروح بالمولد النبوي “شكل تاني”.. من أكل “العصيدة” إلى “داق- داق”
أميرة جادو
يتمسك أبناء البدو في مطروح بالعديد من العادات والتقاليد المتوارثة التي تنتقل من جيل إلى آخر، والتي تعكس حياة البادية التقليدية، ومن ضمن تلك العادات مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تختلف عن المحافظات الأخرى، نظراً لتعدد الثقافات في المحافظة الساحلية الحدودية، وتنوع تركيبتها السكانية بين قبائل بدوية، وأبناء محافظات الوجهين البحري والقبلي، وكذلك قبائل واحة سيوة ذات الثقافة والأصول الأمازيغية، ورغم اختلاف طريقة الاحتفال، إلا أنها لا تختلف عن الباقي حيث الولائم العائلية، والحرص على لقاء الأقارب، بينما ينطلق الشباب مجموعات صغيرة إلي الوديان في الصحراء لعمل الزرادي وممارسة هواية الصيد، بينما يمارس أهالي واحة سيوة ظاهرة الذق ذاق.
“ولائم واستقبال الضيوف.. والعصيدة الطبق الرئيسي”
وفي هذا الإطار، يقول الباحث في التراث البدوي، منعم العبيدي، لـ “صوت القبائل العربية”، إن المرأة البدوية تحرص في صباح يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بعمل العصيدة والتي يتم صناعتها من الدقيق والماء والسمن والعسل، ويتم تذويقها بالمكسرات، وكلما زادت المكسرات كان هذه دلالة علي ثراء صاحب الوليمة، وذلك لأن طبق العصيدة هو الطبق الرئيسي، ويكون إلى جواره قسعة الأرز الأحمر أو الأصفر أو كلهما معاً، بالإضافة إلي اللحم الضأن، لتلتف العائلة حول المائدة داخل المربوعة ، وهي المكان لتناول طعام الولائم واستقبال الضيوف.
وتابع الباحث في التراث البدوي، بينما يقوم الشباب صغير السن، والذين لم يتزوجوا بعد، بتنظيم رحلات خلوية في وديان الصحراء، والتي تعرف باسم الزردة ليتناولوا نفس الطعام خلالها، وممارسة هواية صيد الطيور، هذا إن صادف يوم الاحتفال المولد النبوي موسم الصيد.
“علاقة البدو بحلوى المولد النبوي”
وأضاف “العبيدي”، أنه قديماً لم يكن المجتمع البدوي يعرف حلوي المولد النبوي، ولم تكن ضمن طقوس احتفالاتهم بالمولد ، ولكن مع التطور والمدنية التي زحفت علي البادية، بات شراء حلوي المولد ضمن مباهج الاحتفال بذكري مولد سيدنا النبي ” صلي الله عليه وسلم”، لافتًا إلى أن هذا علي الأقل بالنسبة للبدو الذين يسكنون مناطق الحضر، إلا أن سكان النجوع القري البعيدة، فشراء حلوي المولد ليست من أولويتهم في مباهج الاحتفال، ولا يصطحب الاحتفال بالمولد النبوي في البادية أية احتفالات دينية سوي الصيام وخاصة كبار السن أو من المنتمين للدعوة السلفية.
“داق – داق.. والابتهالات وحلقات الذكر”
وأشار “العبيدي” ، إلى أن أهالي الواحة، الذين يتبعون الطرق الصوفية، يحرصون علي إقامة حلقات الذكر عشية يوم الاحتفال، وخاصة الطريقة السنوسية، التي تقيم الحلقات طوال شهر ربيع الاول، عقب كل صلاة، مع تناول العصيدة والبليلة والفتة باللحم البقري، مضيفًا أنه من العادات المتفردة في احتفالات أهالي واحة سيوة بالمولد النبوي الشريف، أن تقوم السيدات بتزيين الصغيرات، وتعطى كل أم لابنتها قطع الحلوى، لتقديمها للشباب في الطرقات، وتعرف العادة باسم “داق – داق”، حيث تقوم الأم بإعداد الحلوي والمخبوزات، وتصطحب بناتها الصغيرات إلي وسط المدينة، ليتناول الشباب المار بالطرقات منهن ويتذوق ما قامت أمهاتهن بإعداده وبمساعدتهن، فضلاً عن الابتهالات وحلقات الذكر لأبناء الطريقة الشاذلية، عند ساحة المسجد الكبير، حيث تبدأ أناشيد مديح النبي صلى الله عليه وسلم، منذ مطلع شهر ربيع الأول من كل عام هجري.